فصل في الكلام في فضائل القرآن
  ومثله قول الشاعر:
  فرضت عليه الخوف حتى كأنما ... جعلت عليه الأرض مشكاة رهبان
  فدلّ على أن المشكاة الصومعة والمحراب ومثله(١).
فصل في الكلام في فضائل القرآن
  اعلم أنه لما ثبت أن اللّه أعظم الأشياء كان كلامه أعظم الكلام(٢)، ومعنى قولنا: إن القرآن كلام اللّه، المراد به أنه وحي اللّه وخلقه وتنزيله، وقد سمّاه اللّه كلاما حيث يقول: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ}[التوبة: ٦]، وقال: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً}[النساء: ١٦٤]، وليس المراد به انه نطق بالكلام(٣) كما ينطق ذو اللسان واللهوات والآلة والأدوات، ولو كان ذلك كذلك لدخل عليه التشبيه - تعالى اللّه عن ذلك علوّا كبيرا. وقد قدمنا الاحتجاج على المشبهة (فيما تقدم بما فيه كفاية)(٤).
  واعلم أن حقيقة كلام اللّه أنه العلم والنعمة والرحمة، قال عزّ من قائل: {قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ
(١) في (ج، س، م): ومثلهما.
(٢) في (ع): أعظم كلاما.
(٣) في (ص): ينطق بالكلام.
(٤) ساقط في (أ).