حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في فضائل القرآن

صفحة 383 - الجزء 1

  ومثله قول الشاعر:

  فرضت عليه الخوف حتى كأنما ... جعلت عليه الأرض مشكاة رهبان

  فدلّ على أن المشكاة الصومعة والمحراب ومثله⁣(⁣١).

فصل في الكلام في فضائل القرآن

  اعلم أنه لما ثبت أن اللّه أعظم الأشياء كان كلامه أعظم الكلام⁣(⁣٢)، ومعنى قولنا: إن القرآن كلام اللّه، المراد به أنه وحي اللّه وخلقه وتنزيله، وقد سمّاه اللّه كلاما حيث يقول: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ}⁣[التوبة: ٦]، وقال: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً}⁣[النساء: ١٦٤]، وليس المراد به انه نطق بالكلام⁣(⁣٣) كما ينطق ذو اللسان واللهوات والآلة والأدوات، ولو كان ذلك كذلك لدخل عليه التشبيه - تعالى اللّه عن ذلك علوّا كبيرا. وقد قدمنا الاحتجاج على المشبهة (فيما تقدم بما فيه كفاية)⁣(⁣٤).

  واعلم أن حقيقة كلام اللّه أنه العلم والنعمة والرحمة، قال عزّ من قائل: {قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ


(١) في (ج، س، م): ومثلهما.

(٢) في (ع): أعظم كلاما.

(٣) في (ص): ينطق بالكلام.

(٤) ساقط في (أ).