حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الناسخ والمنسوخ

صفحة 393 - الجزء 1

فصل في الكلام في الناسخ والمنسوخ

  اعلم أن في الكتاب ناسخا ومنسوخا؛ فالمنسوخ ما نسخ حكمه ولم ينسخ حفظه وكتابته وتلاوته، والأمة مجمعة على ذلك، إلا فرقة ممن لا يعمل على قولها⁣(⁣١). ومن المنسوخ ما نسخ وجوبه وحرم فعله، كالتوجه بالصلاة إلى بيت المقدس.

  ومن المنسوخ ما نسخ وجوبه وبقي جوازه، كصوم يوم عاشوراء.

  ومن الدليل على أن في الكتاب⁣(⁣٢) ناسخا ومنسوخا قول اللّه تعالى:

  {ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها}⁣[البقرة: ١٠٦] وفي هذه الآية تقديم وتأخير أراد: ما ننسخ من آية نأت بخير منها، أو مثلها، أو ننسها فلا ننسخها⁣(⁣٣)، ونقرّها على حالها، وقد قال اللّه تعالى:

  {يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ}⁣[الرعد: ٣٩]، وأم الكتاب هو أصله⁣(⁣٤) وهو المحكم، وقد روي عن أمير المؤمنين # أنه سمع رجلا يعظ الناس ويقصّ عليهم، فقال له: هل علمت ناسخ القرآن ومنسوخه؟ قال: لا. قال⁣(⁣٥) #: هلكت وأهلكت.

  وسبب الناسخ والمنسوخ ضعف الإسلام في مبتدئه وقوّته في منتهاه، وتخفيف من اللّه ورحمة للمؤمنين.


(١) في (أ): على قوله.

(٢) في (ع): في القرآن.

(٣) في (ل، ه): ولا ننسها.

(٤) في (م، ه، ي): هي أصله.

(٥) في (ش): قال له.