(13) باب حقيقة معرفة الاختلاف
(١٣) باب حقيقة معرفة الاختلاف
  وقد ذكرنا جميع مسائل الاختلاف في الأصول، وذكرنا جميع من خالف فيها، وأوردنا على جميع المخالفين من الحجج والبراهين ما فيه كفاية، وذكرنا ذلك في مواضعه، ليسهل تناوله، ويقرب أخذه، فلا معنى لإعادة ذلك. وإنما غرضنا في هذا الباب [حينئذ](١) إيضاح سبب الاختلاف(٢) وتبيين الفرقة الناجية، فأول ما نذكر من ذلك سبب الاختلاف.
  واعلم أن سبب الاختلاف بين الأمة البليّة(٣)، وذلك أن طرق العلم ثلاث وهي: العقل، والكتاب، والرسول. وقد جعل اللّه عقول المتعبّدين مختلفة للبلية، فمن هنالك وقع الاختلاف في المسائل المعقولة على قدر اختلاف العقول. وقد جعل اللّه تعالى الكتاب محكما ومتشابها، وناسخا ومنسوخا، وعامّا وخاصّا؛ فمن أجل ذلك وقع الاختلاف في المسائل التي طريقها الكتاب. ولما كان في المسلمين الصادق والمنافق؛ وكان السكوت من اللّه ورسوله ÷ عن المنافق وتغطيته بليّة، فمن قبل المنافقين وقع الدّخل في الأخبار، ووقع فيها
(١) زيادة في (م).
(٢) في (ج): وإنما غرضنا في هذا الباب حينئذ الاختلاف.
(٣) في (ص): بين الأمة المبلية.