فصل في الكلام في خلق الإنسان
  ونظرنا إلى ما أعدّ في الأرض من النبات والماء، والمعادن والآلات، وما خوّل سكّانها من المنافع والأقوات، فإذا هي قد أتقن خلقها، وأحسن رتقها وفتقها.
فصل في الكلام في خلق الإنسان
  فإنّا نظرنا في(١) خلق الإنسان، فإذا لخلقه ابتداء وانتهاء في الدنيا، فرأيناه نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما، ثم كسيت العظام لحما، ثم طفلا، قد أعدّ فيه جميع ما يصلح له دينه ودنياه قبل حاجته إليه؛ فأعطي عينين للبصر، وأذنين للسّمع، وأنفا للشّم، ولسانا للذوق وللكلام(٢)، وفما لإدخال الغذاء، وسبيلين لإخراج الأذى، ويدين للبطش واللمس، ورجلين للمشي، وأشياء(٣) من دقائق الخلقة لا يهتدي واصفها، ولا يحسن كشفها(٤) من عروق منسوجة، ومعدة وأمعاء للأغذية، وعصب ودم، وجلد وشعر، وغير ذلك مما يكثر فيه الكلام. ورأيناه يزيد شيئا فشيئا، ويكبر قليلا قليلا، حتى يبلغ أشدّه، وقد أعطي العقل الذّكيّ فعند ذلك يستنفع بجميع جوارحه، فيما يصلح دينه ودنياه، وقبل ذلك يستنفع بها فيما يصلح دنياه،
(١) في (ب): إلى.
(٢) في (أ): للذوق والكلام.
(٣) في (ب، د): إلى أشياء. وفي (ص): إلى الأشياء.
(٤) في (ب، ص، د، ع): لا يهتدى وصفها، ولا يحسن كشفها.