نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[172] الخليفة المعز لدين الله أبو تميم، معد

صفحة 217 - الجزء 3

  فقال القادر: إذا كان كذلك، فليكتب الآن محضر يتضمّن القدح في أنساب ولاة مصر ويكتب محمد خطّه فيه. فكتب محضرا بذلك، شهد فيه من حضر المجلس، منهم النقيب أبو أحمد، وولده المرتضى، وحمل المحضر إلى الرضي ليكتب خطّه فيه، حمله أبوه وأخوه، فامتنع من سطر خطّه، فقال: ما ذكر أولا فحلف أبوه أن لا يكلمه وكذلك أخوه، فعلا ذلك تقيّة وخوفا من القادر وتسكينا له، ولما انتهى ذلك إلى القادر سكت على سوء أضمره له، وبعد ذلك بأيّام عزله عن النقابة، وولّاها محمد بن عمر النهرشاشي⁣(⁣١) فقد بان بهذا ثبوت نسب الخلفاء وتبيّن القدح، وليعجب العاقل من هذه الشهادة، وكان القادر باللّه الآمر يكتب ما يشتهي من أفقر الخلفاء، وإنّما كان آل بويه يعطونه الكفاية فقط والخطبة والسكّة وليس له أمر ولا نهي، وكان حنبليا وله عقيدة ذكر فيها التجسيم والتشبيه والجبر.

  وبلغه أن محلّة من بغداد اسمها براثا أهلها أماميّة، وبها جامع، وكان لهم خطيب منهم، يقول في الخطبة بعد ذكر النبيّ ÷ اللّهم وصلّ على أخيه الإنساني الرباني مكلّم الجمجمة، ومحيي أصحاب أهل الكهف، وأمثال هذه الكلمات فعزله وبعث بخطيب سنّي ليخطب على مذهبه، فلمّا بلغ إلى ذكر الخلفاء ثار عليه الشيعة فحصبوه بالآجرّ، فكسروا أنفه ولحيه وشجّوه، وصعد بعضهم إليه فجرّه بلحيته ونتفها، وعمدوا بعد ذلك في الليل ومعهم المشاعل فكسروا بابه ونهبوه وضربوه ضربا شديدا وخرجوا، وبلغ القادر فاغتاظ ولم يكن له في بغداد أمر، فكتب إلى بهاء الدّولة بن بويه وشكاهم وقال: إنا لما بلغنا أنّ مسجد براثا الذي أشبه مسجدا لضرار وصارت تجتمع فيه طوائف من الرافضة والزنادقة ويذكرون في علي ¥ ما لا يجوز، بعثنا من لدنّا خطيبا فثاروا عليه ونتفوا لحيته وكسروا لحيه وأنفه، ولولا أن جماعة من الترك حموه لقتلوه، ثم عمدوا إلى بيته ليلا بالمشاعل، فكسروا بابه وضربوه ونهبوه، وما بقي للخلافة حرمة وإن لم ينتصر الملك بهاء الدولة للخليفة فإنه لا صبر له على هذا الذلّ، فوعده بهاء الدولة بتأديبهم ثم لم يصنع شيئا.

  وقال المقريزي في الخطط، بعد ذكر ما زعمت العباسيّة من أن الخلفاء من


(١) شرح نهج البلاغة ١/ ٣٨ - ٣٩، وفيه: «النهر سايسي»، أي منسوب إلى نهر سايس، فوق واسط - معجم البلدان.