نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[172] الخليفة المعز لدين الله أبو تميم، معد

صفحة 218 - الجزء 3

  أولاد المجوس واليهود: وهذه أقوال إن أنصفت تبين لك أنّها موضوعة، فإن بني علي بن أبي طالب ¥ كانوا إذ ذاك على غاية من وفور العدد وجلالة القدر عند الشيعة، فما الحامل لشيعتهم على الإعراض عنهم والدعاء لابن مجوسي أو لابن يهودي، فهذا ما لا يفعله أحد، وإنّما جاء ذلك من قبل ضعفة بني العبّاس حين خشيوا منهم، فإنّهم كانوا قد اتصلت دولتهم بجوارهم نحو مائتين وسبعين سنة وملكوا من بني العبّاس بلاد المغرب ومصر والشام وديار بكر واليمن، وخطب لهم ببغداد أربعين جمعة، وعجزوا عن مقاومتهم، فلاذوا حينئذ بالطعن في نسبهم، وأعجب ذلك أمراءهم وأعوانهم الذين كانوا يوجهونهم لحربهم كي يدفعوا بذلك عن أنفسهم ومواليهم منقصة العجز عن حربهم وانتزاع ما ملكوه حتى اشتهر ذلك ببغداد، واستحلّ القضاة نفيهم عن نسب العلويين، وكتبوا المحضر وكتب فيه أبو حامد الأصفهاني⁣(⁣١) والقدوري أيام القادر سنة اثنتين وأربعمائة.

  وكان حجّة القوم ما اشتهر ببغداد وأهلها إنما هم شيعة بني العبّاس الطاعنون في هذا النسب، المتطيّرون من بني علي بن أبي طالب والفاعلون فيهم منذ ابتداء دولتهم الأفاعيل القبيحة، فنقل الاخباريّون ما سمعوه ورأوه تقليدا، والحقّ من وراء هذا، وكفى بكتاب المعتضد حجّة فإنه كتب في شأن المهدي إلى ابن الأغلب بالقيروان، وابن مدرار بسجلماسة يحثّه على القبض عليه، فتفطّن - أعزّك اللّه - يتّضح لك الشاهد، فإن المعتضد لولا صحّة نسب عبيد اللّه عنده لما كتب نسبه، إذ القوم لا يذعنون لدعيّ البتّة وإنّما ينقادون لمن كان علويا، فلو كان دعيّا لما مرّ للمعتضد بفكر ولا خافه على ضيعة من ضياع الأرض، وإنّما كان بنو علي بن أبي طالب تحت الخوف من بني العبّاس لطلبهم لهم في كلّ وقت، وقصدهم لهم دائما بأنواع العقاب، فصاروا بين شريد وخائف يترقب، ومع ذلك فإن نسبهم المشهور جليّ وإقبال الناس عليهم في أقطار الأرض لا مزيد عليه، وتكرر قيام الدعاة منهم مرّة بعد مرّة، والطلب من ورائهم فلاذوا بالاختفاء حتى سمّي محمد بن إسماعيل جدّ المهدي بالمكتوم، سمّاه بذلك الشيعة حين أخفوه خوفا عليه، وتفرّقت الشيعة فمنهم من قال الإمام بعد الصادق ابنه إسماعيل وهؤلاء هم الإسماعيلية نسبة إليه، وبعده ابنه المكتوم، وبعده ابنه جعفر


(١) في الخطط: «الأسفرايني».