نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[6] أبو الفضل أحمد بن الحسين بن يحيى بن سعيد الهمداني

صفحة 141 - الجزء 1

  وسافر الغلام الذي جاء بالملك إلى غزنة مشتاقا، ليستبدل بالعناء الذي قاساه عناقا، فلما قرع بابه جاوبه الصدى، وكان لها أنيسا، فقلع الباب فإذا داره أفرغ من فؤاد أم موسى، فسأل الجيران فأخبروه بصورة كتابه الذي أفزع الغزلان، فلطم وجهه الصبيح، ودعا بالويل بلفظ صريح، ونثر على رأسه التراب، وما زال في أرجاء المدينة أي جواب، فدل عليها بمال جزيل، وما وطيت داره إلا بسجل عليه من القاضي وكفيل، وبلغت قصته أستاذه محمود فضحك وعجب، وقال:

  هذا لمن استكتب شاه غرشستان محمود.

  قلت: ذكر معنى هذه القصة أبو النضر الكاتب، ولما وقفت عليها في سيرة محمود علقت بذهني فكتبتها هنا بالمعنى لظرافتها ولتعلّقها بذكر محمود الملقب يمين الدولة، وأمين الملّة، لقّبه الإمام القادر باللّه العباسي⁣(⁣١)، وجر ذكره شعر البديع.

  ومن شعر بديع الزمان المذكور:

  قيل لي: لم جلست في طرف القو ... م وأنت البديع ربّ القوافي

  قلت: إن الطراز أحسن شيء ... في المناديل وهو في الأطراف

  وكفاني من المفاخر أنّي ... نازل في منازل الأشراف

  أشار إلى أن الأطراف منازل الأشراف، ويشهد بذلك قوله تعالى: {وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى}⁣(⁣٢).


(١) أحمد بن إسحاق بن المقتدر. أبو العباس، القادر باللّه: الخليفة العباسي، أمير المؤمنين، ولد سنة ٣٣٦ هـ وولي الخلافة سنة ٣٨١ هـ وطالت أيامه. كان حازما مطاعا، حليما كريما، هابه من كانت لهم السيطرة على الدولة من الترك والديلم، فأطاعوه، وأحبه الناس فصفا له الملك. جدد ناموس الخلافة - كما يقول ابن الأثير - ودامت له ٤١ سنة ونعته ابن دحية بالإمام الزاهد العابد، وقال: في أيامه ظهرت العرب، وقام الإسلام، وملكت الجزيرة والشام، وفتحت السند والهند، وهو آخر خليفة من بني العباس تولى الأحكام بنفسه، وكان يجلس في كل يوم اثنين وخميس مجلسا عاما للناس. وكان أبيض كث اللحية طويلها كبيرها. يخضب بالسواد. وهو من علماء الخلفاء، صنف كتابا في «الأصول». وكان كثيرا ما يلبس لباس العامة ويخرج يتجول في بغداد متفقدا أمور أهلها. وتوفي بها سنة ٤٢٢ هـ.

ترجمته في:

ابن الأثير ٩: ٢٨ و ١٤٣ وتاريخ الخميس ٢: ٣٥٥ وتاريخ بغداد ٤: ٣٧ والنبراس لابن دحية ١٢٧، الاعلام ط ٤/ ١ / ٩٥ - ٩٦.

(٢) سورة القصص: آية ٢٠.