[11] أبو الطيب، أحمد بن الحسين بن عبد الصمد
  وأجاد مجير الدين بن تميم(١) في تضمينه قول أبي الطيّب:
  (جمعت فمها إليك كطالب تقبيلا)
  بقوله لبعض الرؤساء أهديت له باكورة ورد:
  سيقت إليك من الحدائق وردة ... وأتتك قبل أوانها تطفيلا
  طمعت بلثمك إذ رأتك فجمّعت ... فمها إليك كطالب تقبيلا
  قال بعض الأدباء: وأحسن الانتقاد، طمعت بلثم يديك حتى جمعت فمها إليك.
  قلت: وهذه المبالغة في قول أبي الطيّب لا تعجبني، لأن تقبيل الناقة الحبيب الرشيق مع غلظ مشافرها مما يفزعه ويخاف العض.
  ولما ورد أبو الطيّب إلى مصر وبها كافور الأخشيدي مدحه بقصيدته اليائية المشهورة التي قيل إنّها أفضل ما مدح به أسود، وبغيرها، كما تضمنه ديوانه، ومدح فاتكا الرومي(٢) وكان فاتك مقطعا بإقليم الفيّوم من عمل مصر، وهي أرض وبيّة ولم يصح له فيها جسم، وكان يكره دخول مصر لئلا يرى كافورا سلطانا بها، وهو أشرف منه أصلا لأنّه رومي وشجاعته مشهورة، وبسبب إفراطها عرف
(١) هو مجير الدين محمد بن يعقوب بن علي المعروف بابن تميم. أصله من دمشق وانتقل إلى حماة، وخدم صاحبها الملك المنصور جنديا. كان من الشعراء المبدعين في وصف مظاهر الطبيعة، ومن أرق شعراء عصره في وصف الورد والجداول والدواليب. له أشعار كثيرة في الوصف مبثوثة في الجزئين (٧ و ٨) من كتاب عصور سلاطين المماليك. توفي سنة ٦٨٤ هـ.
ترجمته في: النجوم الزاهرة ٧/ ٣٦٧، وشذرات الذهب ٥/ ٣٨٩، أنوار الربيع ١ / هـ ٢٧٠.
(٢) فاتك الرومي، الملقب بالمجنون لشجاعته، ويقال له فاتك الكبير: ممدوح المتنبي. أخذ من بلاد الروم صغيرا، وتعلم الخط في فلسطين. وكان في خدمة الأخشيد فأعتقه وأقطعه «الفيوم» وأعمالها، فأقام بها. وتعرّف بالمتنبي الشاعر، فأرسل إليه هدية قيمتها ألف دينار وأتبعها بهدايا أخرى، فاتصلت المودة بينهما، ومدحه المتنبي بقصيدته التي مطلعها:
«لا خيل عندك تهديها ولا مال»
ثم لما مات فاتك سنة ٣٥٠ هـ ورثاه المتنبي بقصيدة أولها:
«الحزن يقلق والتجمل يردع»
وهي من المراثي الفائقة. وله في رثائه قصيدة أخرى يقول فيها، وهو بعيد عن مصر:
«لا فاتك آخر في مصر نقصده ... ولا له خلف في الناس كلهم»
توفي بمصر. ترجمته في:
وفيات الأعيان ٤/ ٢١ - ٢٣، الاعلام ط ٤/ ٥ / ١٢٦.