[29] الصاحب أبو القاسم، إسماعيل بن أبي الحسن
  الصاحب: ما دليلك، قال: جربّه في الذي ناولك، فقال: لا أستجيز ذلك ولا استحله، قال: جرّبه في دجاجة، قال: التمثيل بالحيوان لا يجوز، وردّ القدح وأمر بقلبه، وقال للغلام: انصرف عني ولا تدخل داري، وأمر بإجراء رزقه، وقال: لا ندفع اليقين بالشك، والعقوبة بقطع الرزق نذالة.
  وقال القاضي أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني الشاعر المشهور(١): انصرفت يوما من دار الصاحب، وذلك قبل العيد، فجاءني رسوله بعطر الفطر ومعه رقعة فيها:
  يا أيها القاضي الذي نفسي له ... مع قرب عهد لقائه مشتاقه
  أعطيت عطرا مثل طيب ثنائه ... فكأنما أهدي له أخلاقه(٢)
  وقال: إن الصاحب يقسم لي من اقباله وإكرامه بجرجان أكثر مما يتلقاني به في سائر البلاد، وقد استعفيته يوما لكثرة ما يخجلني به، فأنشدني لنفسه:
  أكرم أخاك بأرض مولده ... وأمدّه من فعلك الحسن
  فالعزّ مطلوب وملتمس ... وأعزّه ما كان في الوطن(٣)
  ثم قال: قد فرغت من هذا المعنى في قصيدتك العينية، فقلت: لعل مولانا يريد قولي:
  وشيّدت مجدي بين قومي فلم أقل ... ألا ليت قومي يعلمون صنيعي
  قال: ما أردت غيره.
  وكان الصاحب قد ولّى القاضي عبد الجبار الاسترآباذي قضاء القضاة بهمذان والجبال فاستقبله يوما ولم يترجّل له، وقال: أيها الصاحب أريد الترجل للخدمة، ولكن العلم يأبى ذلك، وكان يكتب في عنوان كتابه إلى الصاحب: من عبد الجبار بن أحمد، ثم كتب: من وليه عبد الجبار بن أحمد، فقال الصاحب:
  إن القاضي يؤول أمره إلى أن يكتب الجبار بن أحمد.
  وقال الصاحب: ما قطعني إلّا شاب بغدادي ورد علينا إلى أصبهان،
(١) مرّت ترجمته بهامش سابق.
(٢) يتيمة الدهر ٣/ ١٩٨، معجم الأدباء ١٤/ ٢١، معاهد التنصيص ٢/ ١٥٧، ديوانه ٢٥٣.
(٣) اليتيمة ٣/ ١٩٩، معجم الأدباء ١٤/ ٢١، النثر الفني ٢/ ٨ - ٩، ديوانه ٢٩٣.