[29] الصاحب أبو القاسم، إسماعيل بن أبي الحسن
  فقصدني فأذنت له وكان عليه مرقعة، وفي رجله نعل طاف، فنظرت إلى حاجبي، فقال له وهو يصعد إليّ: إخلع نعلك، فقال: ولم، ولعلّي أحتاج إليها بعد ساعة، فغلبني الضحك وقلت: تراه يريد أن يصفعني.
  وقال أبو محمد القاسم بن علي الحريري في «درّة الغوّاص»: حكى لي أبو الفتح عبدوس بن محمد الهمذاني حين قدم البصرة سنة نيف وستين وأربعمائة: إن الصاحب أبا القاسم بن عباد رأى أحد ندمائه متغيّر السجيّة، فقال له: ما الذي بك؟، قال: هما، فقال: مه، فقال النديم: وه، فاستحسن الصاحب ذلك وخلع عليه.
  قلت: وقريب من هذا أن بعض الظرفاء سمع امرأة حسناء تقول وقد أتت إلى جانب نهر: يا جارية أين أضع رجلي، فقالت لها: على كتفي، قالت:
  فخفي، قال لها: في رقبة زوجك، فقالت: من أين خرجت؟ قال: من بيتك، قالت: مصفوع، فقال لها: على تهمة بك، قالت: وأنت عنا بريء، فانقطع.
  وقيل: إن الخطيري(١) الوراق دخل يوما على الصاحب فقام، فضرط، فقال: يا مولاي هذا صفير التخت، فقال: بل صفير التحت، فاستحيى وانقطع عنه، فكتب إليه:
  قل للخطيري(٢) لا تذهب على عجل ... من ضرطة اشبهت بابا على عود
  فإنها الريح لا تسطيع تمسكها ... إذ لست أنت سليمان بن داود(٣)
  وقال محمد بن المرزبان: كنت بين يدي الصاحب ليلة فنعس وأخذ إنسان يقرأ: (والصافات)، واتفق ابن بعض هؤلاء الأجلاف من وراء النهر نعس أيضا وضرط أيضا ضرطة منكرة، فأنتبه الصاحب وقال: يا أصحابنا نمنا على (الصافات)، وانتبهنا على (المرسلات).
  قلت: الظاهر أن الجمال بن نباتة لمح قوله:
(١) في اليتيمة ٣/ ١٩٨: «ابن الخضيري».
(٢) في اليتيمة: «قل للخضيري».
(٣) يتيمة الدهر ٣/ ١٩٩، معاهد التنصيص ٢/ ١٥٥، معجم الأدباء ٦/ ٢٥٥ وفيه: «الحضيري» كنايات الثعالبي ٢٩ وفيه «الحصيري».