نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[1] أبو العباس، إبراهيم بن العباس

صفحة 80 - الجزء 1

  القدور الإبراهمية، وهو كان أبدع صنعها على عادته في الإبداع، وقدرته على الاختراع، فكتب له صفتها وكتب له في ذكر الأباريز وزن دانق ونسي أي شيء هو، فلما وصلت إليه الصفة اغتاظ ثم قال لعلي بن يحيى صاحب المصلى: أحلف بحياتي أن تقول له ما آمرك به، ففعل فقال: ارجع إليه وقل له: وزن دانق من أي شيء؟ أمن بظر أمك⁣(⁣١)، قال علي: فدخلت إليه، فقلت: أتيتك في رسالة عزيز عليّ أن أؤديها، قال: هاتها، فأدّيتها، فقال: ارجع إليه فقل له: يا سيدي إن علي ابن يحيى صديقي وأخي، فإن رأيت أن تجعل الدانق من بظر أمي وأمه تفضلت بذلك، فقلت: قبّحك اللّه وأنا أيش ذنبي، قال: أديت الرسالة وهذا جوابها، فوصلت إلى المتوكل، فلما رآني قال: إيه ما جئت به؟ قلت: قبّح اللّه ما جئت به، وأخبرته بالجواب فضحك حتى فحص برجليه وجعل يشرب عليه بقيّة يومه، فإذا لقيته قال: يا علي وزن دانق من أي شيء، فأقول: لعنة اللّه على إبراهيم⁣(⁣٢).

  وقال أبو الفرج: أخبر من رأى إبراهيم وقد لبس سواده يقول لغلامه هات ذاك السيف الذي ما ضرّ اللّه به أحدا غيري⁣(⁣٣). وهذا دليل لطفه ودماثة أخلاقه.

  * * *

  والعرس الذي هنّأ به إبراهيم ذا الرئاستين الحسن بن سهل لما زوّج ابنته خديجة الملقبة بوران بالمأمون وبنى بها المأمون في شهر رمضان بفم الصلح⁣(⁣٤)، وهو عرس لم يعمل مثله ملك في الإسلام، صار تأريخا، وأوقد لما جلبت عليه من جملة الشموع شمعة عنبر وزنها أربعون منّا بالبغدادي في تور ذهب، فامتلأ المجلس بدخانها حتى ضجّ الخليفة وقال: هذا سرف، وكان الفراش من ذهب منسوج له بريق من الشموع فكأنه برق تلألأ، ونثرت جدّتها أم الحسن عليها مائة حبّة درّ من الكبار النفيسة، وكان ممن حضر بنات الخلفاء كعليّة بنت المهدي⁣(⁣٥)،


(١) أمن بظر أمك: سبّ كان يجري على ألسنة العرب في القديم.

(٢) الأغاني ١٠/ ٦٥ - ٦٦.

(٣) ن. م. ١٠/ ٦٧.

(٤) فم الصلح: هو نهر كبير فوق واسط بينها وبين جبّل عليه عدة قرى، وفيه كانت دار الحسن بن سهل وزير المأمون، وفيه بنى المأمون ببوران، وقد نسب إليه جماعة من الرواة والمحدثين وغيره، وهو الآن خراب إلّا قليلا. «معجم البلدان ٤/ ٢٧٦».

(٥) علية بنت المهدي بن المنصور، من بني العباس: أخت هارون الرشيد. أديبة شاعرة، تحسن =