[87] الملك الصالح أبو الغارات طلايع بن رزيك
  وقال المستعين باللّه المرواني(١) صاحب قرطبة(٢) يعارضها:
  عجبا يهاب الليث حدّ سناني ... وأخاف لحظ فواتر الأجفان
  وأقارع الأهوال لا متهيبا ... منها سوى الأعراض والهجران
  وتملكت قلبي ثلاث كالدمى ... زهر الوجوه نواعم الأبدان
  هذي الهلال وتلك أخت المشترى ... حسنا وهذي أخت غصن البان
  حاكمت فيهنّ السلوّ إلى الصّبا ... فقضى بسلطان على سلطان
  لا تعذلوا ملكا تذلّل في الهوى ... ذلّ الهوى عزّ وملك ثاني
  إن لم أطع فيهن سلطان الهوى ... كلفا بهن فلست من مروان(٣)
  وذكر الثعالبي: إنه كان للرشيد في بعض قصوره عشرون مقصره، في كل
(١) في الأصل: «المرواني» وما أثبتناه من المراجع الأخرى.
(٢) إبراهيم بن علي بن عثمان بن يعقوب المريني، أبو سالم؛ السلطان المستعين باللّه: من ملوك بني مرين في المغرب الأقصى، من بني عبد الحق بن محيو، كان أخوه أبو عنان (فارسا) قد بعثه إلى الأندلس، فاستقر بها إلى أن مات أبو عنان وبويع لابنه الطفل (أبي بكر السعيد باللّه) فركب أبو سالم البحر إلى ساحل بلاد غمارة، ودعا أهل المغرب لمبايعته، فأقبلوا عليه. وكان يدير مملكة أبي بكر وزير اسمه «حسن بن عمر الفودويّ» فخلع صاحبه، واستقبل أبا سالم مبايعا (سنة ٧٦٠ ه» فاستقر في فاس الجديدة. وكان من رجاله المؤرخ الأشهر «ابن خلدون» فولاه توقيعه وكتابة سره. وارتاب بحسن الفودوي، بما في نفس السلطان فترك مراكش ولحق بتادلة خارجا عليه بجماعة من بني جشم، فأرسل السلطان من جاءه به فشهره ثم قتله. ونهض إلى تلمسان فاستولى عليها وأخضع «بني زيان» ورأى أن يجعل مقامه في قصبة فاس القديمة، فانتقل إليها، وخلف أحد وزرائه (عمر بن عبد اللّه الفودوي) أمينا على فاس الجديدة، وكان في صدر هذا حزازات على السلطان، فلما خلا له الجو اتفق مع قائد جند «النصارى» واسمه «غرسية بن أنطول» «Garcia fils d'Anatole» على خلعه، وعمدا إلى موسوس من بني مرين اسمه تاشفين (من أبناء السلطان علي بن عثمان) فألبساه شعار الملك، وأعلن عمر الفودوي الثورة على أبي سالم ومبايعة تاشفين (الموسوس) وأمر بالطبول فقرعت. وهجم الجند على بيت المال فنهبوه. وعمت البلد الفوضى، فوصل الخبر إلى أبي سالم، فأقبل يريد الدخول، فلم يستطع، وتفرق عنه رجاله، فغير لباسه وأوى إلى وادي «ورغة» فعرفه بعض رجال الفودوي فقبضوا عليه وحملوه على بغل، فأمر الفودوي بقتله فقتل سنة ٧٦٢ هـ وحمل إليه رأسه في مخلاة. قال لسان الدين ابن الخطيب:
كان السلطان أبو سالم بقية البيت - يعني المريني - وآخر القوم دماثة وحياءا وبعدا عن الشرور.
مدته سنتان و ٣ أشهر و ٥ أيام.
ترجمته في: الاستقصا ٢: ١٠٤ - ١٢٣ والحلل الموشية ١٣٥ وجذوة الاقتباس ٨٣، الاعلام ط ٤/ ١ / ٥٢.
(٣) خريدة القصر / قسم الشام ٢/ ٢٨٦.