إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(44) شرح إعراب سورة حم (الدخان)

صفحة 90 - الجزء 4

  ما شكّوا فيه. ومن شك في شيء فجحده فهو عاص لله تعالى.

  {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ ٥١}⁣(⁣١)

  قراءة الكوفيين وأبي عمرو، وقرأ المدنيون {فِي مَقامٍ} بضم الميم. قال الفرّاء⁣(⁣٢) مقام أجود في العربية لأنه للمكان. قال أبو جعفر: وهذا ما ينكر على الفراء أن يقال للقراءات التي قد روتها الجماعة عن الجماعة: هذه أجود من هذه لأنها إذا روتها الجماعة عن الجماعة قيل: هكذا أنزل؛ لأنهم لا يجتمعون على ضلالة فكيف تكون إحداهما أجود من الأخرى؟ ومقام بالضم معناه صحيح يكون بمعنى الإقامة كما قال: [الكامل]

  ٤١٥ - عفت الدّيار محلّها فمقامها⁣(⁣٣)

  والمقام أيضا الموضع إذا أخذته من أقام، والمقام بالفتح الموضع أيضا إذا أخذته من قام. {أَمِينٍ} قال الضحّاك: أمنوا فيه الجوع والسقم والهرم والموت وأمنوا الخروج منه.

  قال مجاهد: {عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ}⁣[الصافات: ٤٤] لا يرى بعضهم قفا بعض.

  {كَذلِكَ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ٥٤}

  {كَذلِكَ} الكاف في موضع رفع أي الأمر كذلك، ويجوز أن يكون في موضع نصب أي كذلك يفعل بالمتقين. {وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} قال الضحّاك: الحور البيض والعين الكبار الأعين. قال الأخفش: ومن العرب من يقول: بحير عين. قال أبو جعفر: هذا على إتباع الأول للثاني، ونظيره من روى «ارجعن مأزورات غير مأجورات»⁣(⁣٤) والفصيح البيّن ارجعن «موزورات» و «بحور» فأما «عين» فهو جمع عيناء وهو فعل كسرت منه فاء الفعل؛ لأن بعدها ياء.

  {لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الْأُولى وَوَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ ٥٦}

  {لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى} نصب لأنه استثناء ليس من الأول.


(١) انظر تيسير الداني ١٦٠، قراءة نافع وابن عامر بضم الميم والباقين بفتحها.

(٢) انظر معاني الفراء ٣/ ٤٤.

(٣) الشاهد للبيد في ديوانه ٢٩٧، ولسان العرب (خرج)، و (أبد)، و (غول)، (وصل)، وجمهرة اللغة ٩٦١، وتاج العروس (خرج) و (غول) و (رجم) و (مني) و (قوم)، ومقاييس اللغة ١/ ٣٤، والمخصّص ١٥/ ١٧٦، وبلا نسبة في لسان العرب (رجم)، وجمهرة اللغة ٤٦٦، وديوان الأدب ١/ ١٨٩. وعجزه:

«بمنى تأبد غولها فرجامها»

(٤) أخرجه أبو داود في سننه في الجنائز - الحديث رقم (٣١٦٧)، وابن ماجة في سننه - باب ٥٠ - الحديث رقم (١٥٧٨).