إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(46) شرح إعراب سورة الأحقاف

صفحة 112 - الجزء 4

  من قبله {وَمِنْ خَلْفِهِ} من بعده {أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ} «أن» في موضع نصب أي بأن {إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} نعت لليوم ولو كان نعتا لعذاب لنصب. ولا يجوز الجوار في كتاب الله تعالى وإنما يقع في الغلط.

  {فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ ٢٤}

  قال محمد بن يزيد: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً} فيه جوابان: يكون التقدير فلمّا رأوا السحاب، وإن كان لم يتقدّم للسّحاب ذكر لأنّ الضمير قد عرف ودل عليه «عارضا»، والجواب الآخر أن يكون جوابا لقولهم {فَأْتِنا بِما تَعِدُنا} أي فلمّا رأوا ما يوعدون عارضا {مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ} يقدّر فيه التنوين، وكذا {قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا} أو ممطر لنا، كما قال: [البسيط]

  ٤٢٤ - يا ربّ غابطنا لو كان يطلبكم⁣(⁣١)

  أي غابط لنا. {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ} قال الفراء⁣(⁣٢): وفي حرف عبد الله: قل بل ما استعجلتم به هي ريح فيها عذاب أليم. قال: وهي وهو مثل {مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى}⁣[القيامة: ٣٧] ويمنى. من قال: هو، ذهب إلى العذاب، ومن قال هي، ذهب إلى الريح.

  {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلاَّ مَساكِنُهُمْ كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ ٢٥}

  فأصبحوا لا ترى إلّا مساكنهم هذه قراءة أهل الحرمين وأبي عمرو والكسائي⁣(⁣٣)، وهي المعروفة من قراءة علي بن أبي طالب ¥ وابن عباس. وقرأ الأعمش وحمزة وعاصم {فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ} وهي المعروفة من قراءة ابن مسعود ومجاهد، وقرأ الحسن وعاصم الجحدريّ فأصبحوا لا ترى إلّا مساكنهم⁣(⁣٤) بالتاء ورفع المساكن على اسم ما لم يسمّ فاعله. وهذه القراءة عند الفراء


(١) الشاهد لجرير في ديوانه ١٦٣، والكتاب ١/ ٤٩٢، والدرر ٥/ ٩، وسرّ صناعة الإعراب ٢/ ٤٥٧، وشرح التصريح ٢/ ٢٨، وشرح شواهد المغني ٢/ ٧١٢، ولسان العرب (عرض)، ومغني اللبيب ١/ ٥١١، والمقاصد النحوية ٣/ ٣٦٤، والمقتضب ٤/ ١٥٠، وهمع الهوامع ٣/ ٤٧، وبلا نسبة في شرح الأشموني ٢/ ٣٠٥، والمقتضب ٣/ ٢٢٧. وعجزه:

«لاقى مباعدة منكم وحرمانا»

(٢) انظر معاني الفراء ٣/ ٥٥.

(٣) انظر تيسير الداني ١٦٢، وكتاب السبعة لابن مجاهد ٥٩٨.

(٤) انظر البحر المحيط ٨/ ٦٥.