إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(47) شرح إعراب سورة محمد ﷺ

صفحة 120 - الجزء 4

  بعد. وقال أبو إسحاق في الضمير الذي في أمثالها أنه يعود على العاقبة.

  {ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ ١١}

  روى إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس {ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا} قال: ناصرهم. قال الفراء⁣(⁣١) وفي قراءة عبد الله ذلك بأنّ الله وليّ الذين آمنوا وهذه قراءة على التفسير. وقال أبو إسحاق: في معنى ذلك بأن الله يتولّى الذين آمنوا في جميع أمورهم وهدايتهم والنصر على عدوهم. وهذه الأقوال متقاربة ومعروف في اللغة أنّ المولى الوليّ. وهو معنى ما قال ابن عباس: إنّ المولى الناصر، وعلى هذا تؤوّل قول النبيّ «من كنت مولاه فعليّ مولاه»⁣(⁣٢) أي من كنت أتولاه وأنصره فعليّ يتولاه وينصره، وقيل: المعنى من كان يتولاني وينصرني فهو يتولّى عليّا وينصره. ويبيّن ذلك ما حدّثناه علي بن سليمان عن أبي سعيد السكّري عن يونس، عن محمد بن المستنير قال: إن سأل سائل عن قول الله جلّ وعزّ: {ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ ١١} فقال الله جلّ وعزّ: مولى كلّ أحد فكيف قال جلّ وعزّ وأن الكافرين لا مولى لهم؟ فالجواب أن المولى هاهنا الولي وليس الله جلّ وعزّ وليّ الكافرين، وأنشد: [الكامل]

  ٤٢٦ - فغدت كلا الفرجين تحسب أنّه ... مولى المخافة خلفها وأمامها⁣(⁣٣)

  أي وليّ المخافة.

  {إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ ١٢}

  {وَالنَّارُ} مرفوعة بالابتداء، و «مثوى» في موضع رفع على أنه الخبر، وأجاز الفراء أن يكون {مَثْوىً} في موضع نصب ويكون الخبر لهم.

  {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ ١٣}

  التقدير وكم من أهل قرية. وهي أيّ دخلت عليها كاف التشبيه. قال الفراء⁣(⁣٤): في معنى «التي أخرجتك» التي أخرجك أهلها إلى المدينة {أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ} قال


(١) انظر معاني الفراء ٣/ ٥٩.

(٢) أخرجه أحمد في مسنده ٥/ ٤١٩، وذكره ابن أبي عاصم في السنة ٢/ ٦٠٥، وابن كثير في البداية والنهاية ٧/ ٣٣٩، والترمذي في سننه (٣٧١٣).

(٣) مرّ الشاهد رقم (١٥١).

(٤) انظر معاني الفراء ٣/ ٥٩.