إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(48) شرح إعراب سورة الفتح

صفحة 130 - الجزء 4

  نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ} عطف قيل: يتم نعمته عليه في الدنيا بالنصر وفي الآخرة بالثواب {وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً} قيل: طريق الجنة. قال محمد بن يزيد: الصراط المنهاج الواضح. قال أبو جعفر: التقدير: إلى صراط ثم حذفت إلى.

  {وَيَنْصُرَكَ اللهُ نَصْراً عَزِيزاً ٣}

  {وَيَنْصُرَكَ اللهُ} عطف. {نَصْراً عَزِيزاً} مصدر «عزيزا» من نعته.

  {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً ٤}

  {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ} روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال: السكينة الرحمة، قال محمد بن يزيد: السكينة فعيلة من السكون، ومن السكينة الحلم والوقار وترك ما لا يعني. وروى مالك بن أنس عن الزهري عن علي بن الحسين وبعضهم يقول عن الحسين ¥ عن النبيّ قال: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه»⁣(⁣١)، ومن الرحمة الحديث أنّ النبيّ قبّل الحسن بن علي ® فقال له الأقرع بن حابس: إنّ لي لعشرة أولاد ما قبّلت واحدا منهم قطّ فقال النبيّ «من لا يرحم لا يرحم»⁣(⁣٢). وفي بعض الحديث «أرأيت إن كان الله سبحانه قلع الرحمة من قلبك فما ذنبي»⁣(⁣٣). وفي ابن أبي طلحة عن ابن عباس {لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ} قال: بعث النبيّ بشهادة أن لا إله إلا الله ثم زاد الصلاة ثمّ زاد الصيام ثم أكمل لهم دينهم.

  {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَكانَ ذلِكَ عِنْدَ اللهِ فَوْزاً عَظِيماً ٥ وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً ٦}

  {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ} مفعولان {خالِدِينَ} على الحال {وَيُكَفِّرَ} عطف، كذا {وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ الظَّانِّينَ} نعت. وقرأ مجاهد وأبو عمرو دائرة السوء⁣(⁣٤) بضم السين، وفتح السين، وإن كانت القراءة به أكثر فإنّ ضمّها فيما زعم الفراء في هذا أكثر. والسّوء اسم الفعل، والسّوء الشيء بعينه.


(١) أخرجه مالك في الموطّأ - الحديث (٣)، والترمذي في سننه - الزهد ٩/ ١٩٦.

(٢) و (٣) أخرجه الحاكم في المستدرك ٣/ ١٧٠.

(٤) انظر تيسير الداني ١٦٣، ومعاني الفراء ٣/ ٦٥.