إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(50) شرح إعراب سورة ق

صفحة 148 - الجزء 4

  سمعت علي بن سليمان يحكي عن البصريين منهم محمد بن يزيد أن إضافة الشيء إلى نفسه محال، ولكن التقدير حبّ النبت الحصيد.

  {وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ ١٠}

  {وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ} أي وأنبتنا النخل طوالا، وهي حال مقدرة «باسقات» على الحال {لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ} رفعت طلعا بالابتداء وإنه كان نكرة لما فيه من الفائدة.

  {رِزْقاً لِلْعِبادِ وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ الْخُرُوجُ ١١}

  {رِزْقاً لِلْعِبادِ} قال أبو إسحاق: رزقا مصدر، ويجوز أن يكون مفعولا من أجله. {وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً} أي مجدبة، ليس فيها زرع ولا نبات {كَذلِكَ الْخُرُوجُ} مبتدأ وخبره أي الخروج من قبوركم كذا يبعث الله جلّ وعزّ ماء فينبت به الناس كما ينبت الزّرع⁣(⁣١)، وقال أبو إسحاق: المعنى كما خلقنا هذه الأشياء نبعثكم.

  {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ ١٢ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوانُ لُوطٍ ١٣ وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ ١٤}

  {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ} أي كذّبت قبل هؤلاء المشركين الذين كذّبوا محمدا قوم نوح، والتاء لتأنيث الجماعة {وَأَصْحابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوانُ لُوطٍ ١٣}. {وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ} قال مجاهد: الرّسّ: بئر. وقال قتادة: الأيكة الشجر الملتفّ {وَقَوْمُ تُبَّعٍ} عطف كلّه. قال أبو مجلز سأل عبد الله بن عباس كعبا عن تبّع فقال: كان رجلا صالحا أخذ فتية من الأحبار فاستبطنهم فأسلم فأنكر ذلك قومه عليه. وفي حديث سهل بن سعد عن النبيّ قال: «لا تلعنوا تبّعا فإنه كان أسلم» {كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ} التقدير عند سيبويه: كلّهم ثم حذف لدلالة كلّ، وأجاز النحويون جميعا: كلّ منطلق، بمعنى كلّهم. قال أبو جعفر سمعت محمد بن الوليد يجيز حذف التنوين فيقول: كلّ منطلق بمعنى كلّهم. يجعله غاية مثل قبل وبعد. قال علي بن سليمان: هذا كلام من لم يعرف لم بني قبل وبعد، ونظير هذا من الألفاظ لأن النحويين قد خصّوا الظروف للعلّة التي فيها ليست في غيرها. قال أبو جعفر: وهذا كلام بين عند أهل العربية صحيح. وحذفت الياء من {وَعِيدِ} لأنه رأس آية لئلا يختلف الآيات، فأما من أثبتها في الإدراج وحذفها في الوقف فحجّته أنّ الوقف موضع حذف، الدليل على ذلك أنك تقول: لم يمض، فإذا وصلت كسرت الضاد لا غير ومعنى {فَحَقَّ وَعِيدِ} فوجب الوعيد من الله جلّ وعزّ للكفار بالعذاب في الآخرة والنقمة.


(١) مرّ الحديث في الآية ١٠ - الزخرف.