(50) شرح إعراب سورة ق
  {وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ ٣٦}
  {وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ} أي قبل مشركي قريش الذين كذّبوك. {هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً} المهلكون أشد من الذين كذّبوك. منصوب على البيان {فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ} وقال ابن أبي طلحة عن ابن عباس: {فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ} أثّروا وحقيقته في اللغة طوّفوا وتوغّلوا. {هَلْ مِنْ مَحِيصٍ} قال الفراء: أي فهل كان لهم من الموت من محيص، وحذف كان للدلالة وقراءة يحيى بن يعمر {فَنَقَّبُوا} شاذّة خارجة عن الجماعة وهي على التهديد.
  {إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ٣٧}
  {إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى} أي إن في إهلاكنا القرون التي أهلكناها وقصصنا خبرها. {لَذِكْرى} يتذكّر بها من كان له قلب يعقل به {أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ} أي أصغى. {وَهُوَ شَهِيدٌ} متفهّم غير ساه، والجملة في موضع نصب على الحال.
  {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ ٣٨}
  أثبت الهاء في ستة لأنه عدد لمذكر، وفرقت بينه وبين المؤنث. ومعنى يوم: وقت فلذلك ذكر قبل خلق النهار {وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ} من لغب يلغب ويلغب إذا تعب.
  {فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ٣٩ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبارَ السُّجُودِ ٤٠}
  {فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ} فأنا لهم بالمرصاد {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} قال أهل التفسير: يعني به اليهود؛ لأنهم قالوا استراح يوم السبت، قال جلّ وعزّ: فاصبر على ما يقولون فأنا لهم بالمرصاد {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} حمله أهل التفسير على معنى الصلاة، وكذا {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ} قال ابن زيد: العتمة. وقال مجاهد: الليل كلّه. قيل: يعني المغرب والعشاء الآخرة. قال: وهذا أولى لعموم الليل في ظاهر الآية {وَأَدْبارَ السُّجُودِ}(١) فيه قولان: قال ابن زيد: النوافل. قال: وهذا قول بيّن؛ لأن الآية عامة فهي على العموم إلّا أن يقع دليل غير أن حجّة الجماعة جاءت لأن معنى {وَأَدْبارَ السُّجُودِ} ركعتان بعد المغرب. قال ذلك عمر وعلي والحسن بن عليّ وابن عباس وابن مسعود ¤، ومن التابعين الحسن ومجاهد والشّعبيّ وقتادة والضحاك، وبعض المحدثين يرفع حديث علي عن النبيّ ﷺ (وإدبار السجود) قال: «ركعتان بعد المغرب». وقرأ أبو عمرو وعاصم والكسائي
(١) انظر تيسير الداني ١٦٤، والبحر المحيط ٨/ ١٢٨.