(50) شرح إعراب سورة ق
  {وَأَدْبارَ السُّجُودِ} بفتح الهمزة جعلوه جمع دبر، ومن قال: إدبار جعله مصدرا من أدبر وأجمعوا جميعا على الكسر في {وَإِدْبارَ النُّجُومِ}[الطور: ٤٩] فذكر أبو عبيد أنّ السجود لا ادبار له. وهذا مما أخذ عليه، لأن معنى و {أَدْبارَ السُّجُودِ} وما بعده وما يعقبه فهذا للسجود، والنجوم والإنسان واحد. وقد روى المحدّثون الجلّة تفسير {وَأَدْبارَ السُّجُودِ} {وَإِدْبارَ النُّجُومِ} فلا نعلم أحدا منهم فرّق ما بينهما.
  {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ ٤١}
  وقرأ عاصم والأعمش وحمزة والكسائي {يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ}(١) بغير ياء في الوصل والوقف، وهو اختيار أبي عبيد اتباعا للخط. وقد عارضه قوم فقالوا: ليس في هذا تغيير للخط؛ لأن الياء لام الفعل فقد علم أن حقّها الثبات. قال سيبويه: والجيّد في مثل هذا إثبات الياء في الوقف والوصل قال: ويجوز حذفها في الوقف. قال أبو جعفر: ذلك أنك تقول مناد ثم تأتي بالألف واللام فلا تغيّر الاسم عن حاله، فأما معنى {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ ٤١}.
  فقيل فيه: أي حين يوم. قال كعب: المنادي ملك ينادي من مكان قريب، من صخرة بيت المقدس بصوت عال يا أيّتها العظام البالية والأوصال المتقطعة اجتمعي لفصل القضاء.
  {يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ ٤٢}
  {يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِ} أي بالاجتماع للحساب {ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ} من قبورهم.
  {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ ٤٣}
  {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ} حذف المفعول أي نحيي الموتى ونميت الأحياء {وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ} أي المرجع.
  {يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ ٤٤}
  {يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً} العامل في «يوم» المصير أي وإلينا مصيرهم يوم تتشقّق و {تَشَقَّقُ} أدغمت التاء في الشين، ومن قال: تشقّق حذف التاء، {سِراعاً} على الحال، قيل: من الهاء والميم، وقيل لا يجوز الحال من الهاء والميم لأنه لا عامل فيها، ولكن التقدير فيخرجون سراعا {ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ} أي سهل.
(١) انظر البحر المحيط ٨/ ١٢٩.