إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(51) شرح إعراب سورة الذاريات

صفحة 162 - الجزء 4

  فجمع ما بين «ما» و «إن» ومعناهما واحد. قال الله جلّ وعزّ {بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ}⁣[فاطر: ٤٠] بمعنى ما يعد الظالمون. والجواب الآخر أنّ زيادة «ما» تفيد معنى؛ لأنه لو لم تدخل «ما» كان المعنى أنه لحقّ لا كذب فإذا جئت بما صار المعنى أنه لحقّ، مثل ما إنّ الآدميّ ناطق، كما تقول: الحقّ نطقك، بمعنى أحقّ أم كذب؟ وتقول: أحقّ إنّك تنطق؟ فتفيد معنى آخر.

  {هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ ٢٤}

  ولم يقل أضياف؛ لأنّ ضيفا مصدر، وحقيقته في العربية حديث ذوي ضيف، مثل: {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ}⁣[يوسف: ٨٢].

  {إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ ٢٥}

  {إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ} أي حين دخلوا. {فَقالُوا سَلاماً} منصوب على المصدر، ويجوز أن يكون منصوبا بوقوع الفعل عليه. ويدلّ على صحّة هذا الجواب أنّ سفيان روى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد. {فَقالُوا سَلاماً} قال سدادا. {قالَ سَلامٌ}⁣(⁣١) مرفوع بالابتداء، والخبر محذوف أي سلام عليكم، ويجوز أن يكون مرفوعا على خبر الابتداء والابتداء محذوف أي أمري سلام، وقرأ حمزة والكسائي {قالَ سَلامٌ}⁣(⁣٢) وفيه تقديران: أحدهما أن يكون سلام وسلّم بمعنى واحد مثل حلّ وحلال، ويجوز أن يكون التقدير نحن سلم. {قَوْمٌ مُنْكَرُونَ} على إضمار مبتدأ وإنما أنكرهم فيما قبل؛ لأنه لم يعرف في الأضياف مثلهم.

  {فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ ٢٦}

  {فَراغَ إِلى أَهْلِهِ} أي رجع، وحقيقته رجع في خفية. {فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ} التقدير: فجاء أضيافه ثم حذف المفعول.

  {فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قالَ أَلا تَأْكُلُونَ ٢٧}

  الفاء تدلّ على أنّ الثاني يلي الأول و «ألا» تنبيه.

  {فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ ٢٨}

  {فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً} أي ستر ذلك وأضمره {قالُوا لا تَخَفْ} حذفت الضمة للجزم


= استعجم ٦٥٠، والكميت في شرح المفصل ٨/ ١٢٩، وللكميت أو لفروة في تلخيص الشواهد ص ٢٧٨، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص ٢٠٧، وخزانة الأدب ١١/ ١٤١، والخصائص ٣/ ١٠٨، ورصف المباني ١١٠، وشرح المفصل ٥/ ١٢٠، والمحتسب ١/ ٩٢، والمقتضب ١/ ٥١، والمنصف ٣/ ١٢٨، وهمع الهوامع ١/ ١٢٣.

(١) انظر البحر المحيط ٨/ ١٣٧.

(٢) انظر البحر المحيط ٨/ ١٣٧.