إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(51) شرح إعراب سورة الذاريات

صفحة 163 - الجزء 4

  والألف لالتقاء الساكنين {وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ} أي يكون عالما وحكى الكوفيون أنّ عليما إذا كان للمستقبل قيل عالم، وكذا نظائره يقال: ما هو كريم وإنه لكارم غدا، وما مات وإنه لمائت وهذا وإن كان يقال فالقرآن قد جاء بغيره.

  {فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ ٢٩}

  {فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ} روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال: في صيحة، وكذا قال مجاهد والضحاك وابن زيد وابن سابط، وقيل «في صرّة» في جماعة نسوة يتبادرن لينظرن إلى الملائكة. {فَصَكَّتْ وَجْهَها} قال مجاهد: ضربت جبهتها تعجبا {وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ} زعم بعض العلماء أنّ عجوزا بإضمار فعل أي أتلد عجوز. قال أبو جعفر: وهذا خطأ؛ لأن حرف الاستفهام لا يحذف والتقدير على قول أبي إسحاق: قالت أنا عجوز عقيم أي فكيف ألد.

  {قالُوا كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ ٣٠}

  {قالُوا كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ} أي كما قلنا لك، وليس هذا من عندنا. {إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ} في تدبيره {الْعَلِيمُ} أي مصالح خلقه وبما كان وبما هو كائن.

  {قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ ٣١}

  قال إبراهيم لضيفه ما شأنكم يا أيها، وحذفت يا، كما يقال: زيد أقبل و «أي» نداء مفرد، وهو اسم تام، و {الْمُرْسَلُونَ} من نعمته.

  {قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ ٣٢}

  أي قد أجرموا بالكفر، ويقال: جرموا، إلّا أنّ أجرموا بالألف أكثر.

  {لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ ٣٣}

  أي لنمطر عليهم.

  {مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ ٣٤}

  {مُسَوَّمَةً} في معناه قولان: أهل التأويل على أنّ معناه معلّمة. قال ابن عباس: يكون الحجر أبيض وفيه نقطة سوداء ويكون الحجر أسود وفيه نقطة بيضاء. والقول الآخر أن يكون معنى مسومة مرسلة من سوّمت الإبل {لِلْمُسْرِفِينَ} أي للمتعدين لأمر الله جلّ وعزّ.

  {فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ٣٥}

  {فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ٣٥} كناية عن القرية، ولم يتقدّم لها ذكر؛ لأنه قد عرف المعنى، ويجوز أن يكون كناية عن الجماعة.