(54) شرح إعراب سورة القمر
  {فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ ١٠}
  {فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ} أي بأني قد غلبت وقهرت، وقرأ عيسى بن عمر {فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ}(١) بكسر الهمزة. قال سيبويه أي قال: إني مغلوب {فَانْتَصِرْ} أي لي بعقابك إياهم.
  {فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ ١١}
  {فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ} التقدير: فنصرناه ففتحنا أبواب السماء: لأن ما ظهر من الكلام يدلّ على ما حذف. {بِماءٍ مُنْهَمِرٍ} أي مندفق. قال سفيان منهمر ينصبّ انصبابا، وقال الشاعر: [الرمل]
  ٤٤٢ - راح تمريه الصّبا ثم انتحى ... فيه شؤبوب جنوب منهمر(٢)
  {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ ١٢}
  {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً} جمع عين في العدد، وقراءة الكوفيين {عُيُوناً} بكسر العين، والأصل الضمّ فأبدل من الضمة كسرة استثقالا للجمع بين ضمة وياء {فَالْتَقَى الْماءُ}(٣) والتقى لا يكون إلّا الاثنين. المعنى: فالتقى ماء الأرض وماء السماء، وهما جميعا يقال لهما ماء لأنّ ماء اسم للجنس. قال أبو الحسن بن كيسان: الأصل في ماء ماه فأبدلوا من الهاء همزة فإذا جمعوا ردّوه إلى أصله فقالوا: أمواه ومياه، ومويه في التصغير {عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ}(٤) قيل: أي قدّره الله جلّ وعزّ في اللوح المحفوظ، وقيل: قدر ماء الأرض كماء السّماء.
  {وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ ١٣}
  {وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ} أي على سفينة ذات ألواح {وَدُسُرٍ} روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال: الدّسر المسامير، وكذا قال محمد بن كعب وقتادة وابن زيد، وقال الحسن: الدّسر صدر السفينة، وقال الضحاك: الدّسر طرف السفينة. قال: وأصل هذا من دسره يدسره ويدسره دسرا إذا شدّه ودفعه.
  {تَجْرِي بِأَعْيُنِنا جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ ١٤}
  {تَجْرِي بِأَعْيُنِنا} أي بمرأى منّا ومسمع، وقيل بأمرنا. وأعين جمع في القليل،
(١) انظر مختصر ابن خالويه ١٤٧، والبحر المحيط ٨/ ١٧٥.
(٢) الشاهد لامرئ القيس في ديوانه ص ١٤٥.
(٣) انظر البحر المحيط ٨/ ١٧٥ (وقرأ علي والحسن ومحمد بن كعب والجحدري «الماءان»، وقرأ الحسن «الماوان»).
(٤) انظر البحر المحيط ٨/ ١٧٦ (وقرأ أبو حيوة «قدّر» بشدّ الدال، والمجهور بتخفيفها).