إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(54) شرح إعراب سورة القمر

صفحة 199 - الجزء 4

  تجعله العرب حوالى الغنم مخافة السبع. والتقدير في العربية كهشيم الرجل المحتظر، ومن قرأ {كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ}⁣(⁣١) فتقديره كهشيم الشيء الذي قد احتظر.

  {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ ٣٣}

  أي بالآيات التي أنذروا بها.

  {إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ ٣٤}

  {إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً} أي حجارة تحصبهم. {إِلَّا آلَ لُوطٍ} نصب على الاستثناء، وال الرجل كلّ من كان على دينه ومذهبه كما قال جلّ وعزّ لنوح : {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ}⁣[هود: ٤٦] وهو ابنه وال بمعنى واحد، إلّا أن النحويين يقولون: الأصل في ال أهل، والدليل على ذلك أنّ العرب إذا صغّرت الا قالت: أهيل. {نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ} قال الفراء⁣(⁣٢): سحر هاهنا يجري؛ لأنه نكرة كقولك: نجّيناهم بليل. قال أبو جعفر: وهذا القول قول جميع النحويين لا نعلم فيه اختلافا إلّا أنه قال بعده شيئا يخالف فيه قال: فإذا ألقت العرب من سحر الباء لم يجروه فقالوا: فعلت هذا سمر يا هذا. قال أبو جعفر: وقول البصريين أنّ سحر إذا كان نكرة انصرف وإذا كان معرفة لم ينصرف، ودخول الباء وخروجها واحد. والعلّة فيه عند سيبويه⁣(⁣٣) أنه معدول عن الألف واللام لأنه يقال: أتيتك أعلى السّحر فلما حذفت الألف واللام وفيه نيتهما اعتلّ فلم ينصرف تقول: سير بزيد سحر يا هذا، غير مصروف. ولا يجوز رفعه لعلّة ليس هذا موضع ذكرها.

  {نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ ٣٥}

  {نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا} قال أبو إسحاق: نصبت نعمة لأنها مفعول لها، قال: ويجوز الرفع بمعنى تلك نعمة من عندنا. {كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ} الكاف في موضع نصب أي نجزي من شكر جزاء كذلك النجاء.

  {وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنا فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ ٣٦}

  {وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنا} أي التي بطشنا بهم. {فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ} أي كذّبوا بها شكّا، كما قال قتادة في {فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ} أي لم يصدّقوا بها.

  {وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ ٣٧}


(١) انظر البحر المحيط ٨/ ١٨٠، ومعاني الفراء ٣/ ١٠٨.

(٢) انظر معاني الفراء ٣/ ١٠٩.

(٣) انظر الكتاب ٣/ ٣١٤.