إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(54) شرح إعراب سورة القمر

صفحة 200 - الجزء 4

  {وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ} «وضيف» بمعنى أضياف لأنه مصدر فلذلك لا تكاد العرب تثنيه ولا تجمعه، وحقيقته في العربية عن ذوي ضيفه. {فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ} يقال: طمس عينه وعلى عينه إذا فعل بها فعلا يصير بها مثل وجهه لا شقّ فيها ويقال طمست الريح الأعلام إذا سفت عليها التراب فغطّتها به، كما قال: [البسيط]

  ٤٤٥ - من كلّ نضّاخة الذّفرى إذا عرقت ... عارضها طامس الأعلام مجهول⁣(⁣١)

  {فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ} أي فقالت لهم الملائكة @: فذوقوا عذاب الله وعقابه ما أنذركم به.

  {وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ ٣٨}

  قال سفيان: كان مع الفجر صرفت بكرة هاهنا؛ لأنها نكرة، وزعم الفراء⁣(⁣٢) أن غدوة وبكرة يجريان ولا يجريان، وزعم أنّ الأكثر في غدوة ترك الصرف، وفي بكرة الصرف. قال أبو جعفر: قول البصريين أنهما لا ينصرفان في المعرفة وينصرفان في النكرة فإن زعم زاعم أنّ الأولى ما قال الفراء لأن بكرة هاهنا مصروف قيل له: هذا لا يلزم؛ لأن بكرة هاهنا نكرة وكذا سحر، والدليل على ذلك أنه لم يقل: أهلكوا في يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا بكرة فتكون معرفة فلما وجب أن تكون نكرة لم يكن فيها ذكر حجّة ولا سيما وفيه الهاء قيل: {عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ} أي يستقرّ عليهم حتّى أهلكهم.

  {وَلَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ ٤١}

  أي أهل دينه والقائلين بقوله كما مرّ. «قد» إذا وقعت مع الماضي دلّت على التوقّع وإذا كانت مع المستقبل دلّت على التقليل نقول: قد يكرمنا فلان أي ذلك يقلّ منه.

  {كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها فَأَخَذْناهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ ٤٢}

  {كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها} في معناه قولان: أحدهما أن المعنى: كذّبوا بآياتنا التي أريناهم إيّاها كلّها والآخر أنه على التكثير، كما حكى سيبويه ما بقي منهم مخبّر. {فَأَخَذْناهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ} قال قتادة: عزيز في انتقامه، وقال لي غيره: عزيز لا يغلب مقتدر على ما يشاء.


(١) الشاهد لكعب بن زهير في ديوانه ص ٩، ولسان العرب (نضخ)، و (عرض)، وتاج العروس (نضخ) و (عرض).

(٢) انظر معاني الفراء ٣/ ١٠٩.