إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(55) شرح إعراب سورة الرحمن

صفحة 205 - الجزء 4

  {أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ ٨} «أن» في موضع نصب، والمعنى: بأن لا تطغوا، و {تَطْغَوْا} في موضع نصب بأن، ويجوز أن يكون «أن» بمعنى أي فلا يكون لها موضع من الإعراب، ويكون تطغوا في موضع جزم بالنهي. قال أبو جعفر: وهذا أولى؛ لأن بعده {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ ٩} وقرأ بلال بن أبي بردة {وَلا تُخْسِرُوا}⁣(⁣١) بفتح التاء. وهي لغة معروفة.

  {وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ ١٠}

  نصب الأرض بإضمار فعل.

  {فِيها فاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ ١١}

  {فِيها فاكِهَةٌ} مبتدأ. {وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ} عطف عليه. الواحد كمّ وهو ما أحاط بها من ليف وسعف وغيرهما.

  {وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ ١٢}

  {وَالْحَبُ} مرفوع على أنه عطف على فاكهة أي وفيها الحبّ. {ذُو الْعَصْفِ} نعت له. {وَالرَّيْحانُ} عطف أيضا. وقراءة الأعمش وحمزة والكسائي. {ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ}⁣(⁣٢) بالخفض بمعنى وذو الريحان.

  {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ١٣}

  روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال: فبأيّ نعم ربّكما. قال أبو جعفر: فإن قيل: إنما تقدّم ذكر الإنسان فكيف وقعت المخاطبة لشيئين؟ ففي هذا غير جواب منها أن الأنام يدخل فيه الجنّ والإنس فخوطبوا على ذلك، وقيل: لمّا قال جلّ وعزّ: {وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ}⁣[الحجر: ٢٧] وقد تقدم ذكر الإنسان خوطب الجميع وأجاز الفراء⁣(⁣٣). أن يكون على مخاطبة الواحد بفعل الاثنين، وحكى ذلك عن العرب.

  {خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ ١٤}

  روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال: الصّلصال الطين اليابس. فالمعنى على هذا خلق الإنسان من طين يابس يصوّت؛ كما يصوّت الطين الذين قد مسّته النار. وهو الفخار. وقيل: الصلصال المنتن فعلان، من صلّ اللحم إذا أنتن، ويقال أصلّ.


(١) انظر مختصر ابن خالويه ١٤٩، والبحر المحيط ٨/ ١٨٨، وهذه قراءة زيد بن علي أيضا.

(٢) انظر البحر المحيط ٨/ ١٨٩، وهذه قراءة حمزة والكسائي والأصمعي عن أبي عمرو.

(٣) انظر معاني الفراء ٣/ ١١٤.