(55) شرح إعراب سورة الرحمن
  {وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ ١٥ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ١٦}
  قيل: المارج مشتقّ من مرج الشيء إذا اختلط، والمارج من بين أصفر وأخضر وأحمر، وكذا لسان النار. وروى ابن أبي طلحة عن ابن عباس {مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ} قال: هو من خالص النار.
  {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ ١٧}
  رفع على إضمار مبتدأ يجوز أن يكون بدلا من المضمر الذي في «خلق»، ويجوز الخفض(١) بمعنى: فبأيّ آلاء ربّكما ربّ المشرقين وربّ المغربين، ويجوز النصب بمعنى أعني.
  {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ١٨}
  ليس بتكرير؛ لأنه إنما أتى بعد نعم أخرى سوى التي تقدّمت.
  {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ ١٩}
  روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: مرج أرسل. واختلف العلماء في معنى البحرين هاهنا فقال الحسن وقتادة: هما بحر الروم وبحر فارس، وقال سعيد بن جبير وابن أبزى: هما بحر السماء وبحر الأرض، وكذا يروى عن ابن عباس إلّا أنه قال: يلتقيان كلّ عام. وقول سعيد بن جبير وابن أبزى يذهب إليه محمد بن جرير لعلّة أوجبت ذلك عنده نذكرها بعد هذا.
  {بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ ٢٠}
  قال بعض أهل التفسير: لا يبغيان على الناس، وقال بعضهم: لا يبغي أحدهما على الآخر. وظاهر الآية يدل على العموم.
  {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ ٢٢}
  وقراءة يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة {يَخْرُجُ}(٢) والضمّ أبين لأنه إنما يخرج إذا أخرج. وتكلّم العلماء في معنى {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ} فمذهب الفراء(٣) أنه إنما
(١) انظر البحر المحيط ٨/ ١٨٩ (قرأ الجمهور بالرفع، وأبو حيوة وابن أبي عبلة بالخفض بدلا من «ربّكما»).
(٢) انظر البحر المحيط ٨/ ١٩٠ (قرأ الجمهور «الخرج» مبنيا للفاعل، ونافع وأبو عمرو وأهل المدينة مبنيا للمفعول، والجعفي عن أبي عمرو بالياء مضمومة وكسر الراء).
(٣) انظر معاني الفراء ٣/ ١١٥.