إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(55) شرح إعراب سورة الرحمن

صفحة 210 - الجزء 4

  لأنهما محمولان وقد قال الحسن ومجاهد وقتادة في قوله جلّ وعزّ: {وَنُحاسٌ} قالوا يذاب النحاس فيصبّ على رؤوسهم. {فَلا تَنْتَصِرانِ} أي ممن عاقبكما بذلك ولا تستفيدان منه.

  {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ٣٦}

  أي: فبأيّ نعم ربّكما الذي جعل الحكم واحدا في المنع من النقود، ولم يخصص بذلك أحدا دون أحد.

  {فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ ٣٧}

  {فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ} وهو يوم القيامة. {فَكانَتْ وَرْدَةً} قال قتادة: هي اليوم خضراء ويوم القيامة حمراء، وزاد غيره وهي من حديد. {كَالدِّهانِ} أصح ما قيل فيه، وهو قول مجاهد والضحاك، أنه جمع دهن أي صافية ملساء.

  {فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ ٣٩ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ٤٠ يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ ٤١}

  {فَيَوْمَئِذٍ} جواب إذا. {لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ} قول ابن عباس لا يسألون سؤال اختبار، لأنّ الله جلّ وعزّ قد حفظ عليهم أعمالهم، وقول قتادة أنّهم يعرفون بسواد الوجوه وزرق الأعين، ويدلّ على هذا أن بعده {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ} والسيما والسيمياء العلامة. {فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ} يكون بالنواصي في موضع رفع اسم لم يسمّ فاعله ويجوز أن يكون مضمرا.

  {هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ ٤٣}

  أي يقال لهم: هذه جهنم التي كانوا يكذبون بها في الدنيا.

  {يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ ٤٤}

  {يَطُوفُونَ بَيْنَها} أي بين أطباقها. {وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} حكى عبد الله بن وهب عن ابن زيد قال: الاني الحاضر. وروى ابن أبي طلحة عن ابن عباس {بَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} قال يقول: قد انتهى حرّه. قال أبو جعفر: وكذا هو في كلام العرب قال النابغة: [الوافر]

  ٤٥٠ - وتخضب لحية غدرت وخانت ... بأحمر من نجيع الجوف ان

  {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ٤٥}

  أي: فبأيّ نعم ربكما التي أنعم بها عليكم فلم يعاقب منكم إلّا المجرمين،