(55) شرح إعراب سورة الرحمن
  وجعل لهم سيمياء يعرفون بها حتّى لا يختلط بهم غيرهم.
  {وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ ٤٦}
  رفع بالابتداء وبإضمار فعل بمعنى تجب أو تستقرّ، والتقدير: ولمن خاف مقام ربّه فأدّى فرائضه واجتنب معاصيه خوف المقام الذي يقفه الله تعالى للحساب، ويبيّن هذا قوله: {وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى}[النازعات: ٤٠] ولا يقال لمن اقتحم على المعاصي: خائف، وروى ابن أبي طلحة عن ابن عباس: {وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ} قال: وعد الله المؤمنين الذين أدّوا فرائضه الجنة.
  {ذَواتا أَفْنانٍ ٤٨}
  نعت للجنتين، والجنة عند العرب البستان. قال أبو جعفر: واحد الأفنان فنن على قول من قال: هي الأغصان، ومن قال: هي الألوان ألوان الفاكهة فواحدها وعندهم فن والأول أولى بالصواب لأن أكثر ما يجمع فنّ فنون فيستغنى بجمعه الكثير، كما يقال: شسع وشسوع. ومنه أخذ فلان في فنون من الحديث.
  {فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ ٥١}
  أي في خلالهما نهران يجريان.
  {فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ ٥٢}
  أي من كل نوع من الفاكهة صنفان.
  {مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ ٥٤}
  نصب {مُتَّكِئِينَ} على الحال، والعالم فيه من غامض النحو. قال أبو جعفر: ولا أعلم أحدا من النحويين ذكره إلّا شيئا ذكره محمد بن جرير قال: هو محمول على المعنى أي: يتنعمون متكئين، وجعل ما قبله يدلّ على المحذوف. قال أبو جعفر: ويجوز أن يكون بغير حذف، ويكون راجعا إلى قوله جلّ وعزّ: {وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ} كما تقول: لفلان تجارة حاضرا، أي في هذه الحال. و {مُتَّكِئِينَ} على معنى «من» ولو كان على اللفظ لكان متّكئا. {وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ} في موضع رفع بالابتداء. {دانٍ} خبره.
  {فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ ٥٦ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ٥٧}
  {فِيهِنَ} قال أبو جعفر: قد ذكرنا هذا الضمير وعلى من يعود. وفيه إشكال قد