إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(56) شرح إعراب سورة الواقعة

صفحة 222 - الجزء 4

  {عُرُباً}⁣(⁣١) جمع عروب، ولغة تميم ونجد عربا يحذفون الضمة لثقلها. {أَتْراباً} جمع ترب.

  {لِأَصْحابِ الْيَمِينِ ٣٨ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ ٣٩ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ ٤٠}

  المعنى: إنّا أنشأناهنّ لأصحاب اليمين، وفي الحديث عن علي بن أبي طالب ¥ وابن عمر رحمة الله عليهما أنّهما قالا: أصحاب اليمين أطفال المؤمنين. وقدّره الفرّاء⁣(⁣٢) بمعنى لأصحاب اليمين ثلّة من الأولين وثلّة من الآخرين، وقدّره غيره: المعنى هم ثلّة من الأولين أي جماعة ممن تقدّم قبل مبعث النبيّ وجماعة من أتباع النبيّ . وقال صاحب هذا القول: إنما قيل في الأول ثلّة من الأولين وقليل من الآخرين، وفي الثاني ثلّة من الأولين وثلّة من الآخرين؛ لأن الأول للسابقين إلى اتباع الأنبياء والسابقون إلى اتّباعهم قبل النبيّ أكثر من السابقين إلى اتباع النبيّ . يدلّك على صحة هذا أن قوم يونس آمنوا، وهم مائة ألف أو يزيدون، والسحرة اتّبعوا موسى وهم يروى أكثر من هؤلاء فلهذا قيل: وقليل من الآخرين، والثلة الثانية لأصحاب اليمين وليست للسابقين، وأصحاب اليمين قد يدخل فيهم المسلمون إلى يوم القيامة هذا على هذا القول، وقد ذكرنا غيره. والله جلّ وعزّ أعلم.

  {وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ ٤١}

  {وَأَصْحابُ الشِّمالِ} أي الّذين أعطوا كتبهم في شمالهم، وقيل: الذين أخذ بهم ذات الشمال. قال قتادة {ما أَصْحابُ الشِّمالِ} أي ماذا لهم وما أعدّ لهم.

  {فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ ٤٢}

  أي في حسر النار وما يلحق من لهبها، وحكى ابن السكيت في جمع سموم سمام. وقال أبو جعفر: فهذا على حذف الزائد وهو الواو «وحميم» وهو ما يعذّبون به من الماء الحار يجرّعونه ويصبّ على رؤوسهم كما قال جلّ وعزّ: {يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ}⁣[الرحمن: ٤٤].

  {وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ ٤٣}

  ينصرف في المعرفة والنكرة لأنه ليس في الأفعال يفعول.

  {لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ ٤٤}

  {لا بارِدٍ} أي لا ظلّ له يستر. {وَلا كَرِيمٍ} لأنه مؤلم وخفضت. {لا بارِدٍ} على


(١) انظر تيسير الداني ١٦٨.

(٢) انظر معاني الفراء ٣/ ١٢٦.