إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(70) شرح إعراب سورة سأل سائل (المعارج)

صفحة 24 - الجزء 5

  {أُولئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ ٣٥}

  مبتدأ وخبره.

  {فَما لِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ ٣٦}

  نصب على الحال وكذا {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ} جمع عزة جمع بالواو والنون وفيه علامة التأنيث عوضا مما حذف منه، وفيه لغة أخرى يقال: مررت بقوم عزين، يجعل الإعراب في النون.

  {أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ ٣٨}

  وقراءة الحسن وطلحة {أَنْ يُدْخَلَ}⁣(⁣١) بفتح الياء وضم الخاء. قال أبو جعفر: والآية مشكلة. فمما قيل فيها إن المعنى فما للذين كفروا قبلك مسرعين بالتكذيب لك، وقيل: بالاستماع منك ليعيبوك {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ} أي متفرّقين في أديانهم وهم مخالفون للإسلام أيطمع كل امرئ منهم أن يثاب على هذا فيدخل الجنة، وقيل: أيطمع كلّ امرئ منهم أن ينجو من العذاب على هذا الفعل؛ لأن معنى يدخل الجنة ينجو من العذاب.

  {كَلاَّ إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ ٣٩}

  {كَلَّا} ردّ عليهم {إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ} ذكّرهم مهانتهم وأنهم إنما خلقوا من نطفة فكيف يستحقّون الثواب إذا لم يعملوا عملا صالحا، كما قال قتادة: خلقت من قذر يا ابن آدم فاتّق الله جلّ وعزّ.

  {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ إِنَّا لَقادِرُونَ ٤٠}

  {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ}. قال أبو ظبيان عن ابن عباس: للشمس كلّ يوم مشرق ومغرب لم يكونا لها بالأمس فذلك قوله جلّ وعزّ: {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ} ولا زائدة للتوكيد لا نعلم في ذلك اختلافا فإنما اختلفوا في «لا أقسم» لأنه أول السورة فكرهوا أن يقولوا: زائد في أول السورة وقد أجمع النحويون أنه لا تزاد «لا» و «ما» في أول الكلام فكان الكلام في هذا أشدّ، وجواب القسم: {إِنَّا لَقادِرُونَ}.

  {عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ ٤١}

  أي ليس يعجزوننا ولا يفوتوننا؛ لأن من فاته الشيء ولم يلحقه فقد سبقه.


(١) انظر معاني الفراء ٣/ ١٨٦، والبحر المحيط ٨/ ٣٣٠.