(72) شرح إعراب سورة الجن
  {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً ٨}
  إن عدّيت وجدنا إلى مفعولين فملئت في موضع المفعول الثاني وإن عديتهما إلى واحد أضمرت «قد». قال أبو جعفر: والأول أولى وشهب في الكثير، وفي القليل أشهبة.
  {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً ٩}
  {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ} لم ينصرف لأنه لا نظير له في الواحد وهو نهاية الجمع. {فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً} شرط ومجازاة.
  {وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً ١٠}
  أحسن ما قيل فيه إن المعنى: لا ندري أشرّا أراد الله بمن في الأرض حين منعنا الاستماع من السماء أم أراد بهم ربهم أن يرسل إليهم رسولا فيرشدهم هذا مذهب ابن زيد، وكانت هذه من علامات نبوته ﷺ أنه شدّد على الشياطين في استماعهم من السماء ورموا بالشهب.
  {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً ١١}
  لمّا سكنت النون من «من» استغنيت عن زيادة نون أخرى فإذا قلت: منّي فالاسم الياء وزدت النون لئلا تكسر نون «من» {كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً} الواحدة طريقة ويقال: طريق وطريقة، وفلان على طريقة فلان: وفلان طريقة القوم أي رئيسهم والقوم طريقة أيضا، وإن شئت جمعت.
  {وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً ١٢}
  {وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ فِي الْأَرْضِ} الظن هاهنا يقين. {وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً} مصدر في موضع الحال.
  {وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً ١٣}
  {وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى آمَنَّا بِهِ} على تذكير الهدى، وهي اللغة الفصيحة. وقد تؤنث {فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً} وقراءة يحيى بن وثاب والأعمش {فَلا يَخافُ}(١) على النهي.
  {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً ١٤}
  {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ} قسط إذا جار، هذا الأصل ثم يزاد عليه الألف فيقال: أقسط إذا أزال القسوط أي عدل.
(١) انظر البحر المحيط ٨/ ٣٤٤.