(72) شرح إعراب سورة الجن
  ألف. قال الله جلّ وعزّ {ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ}[المدثر: ٤٢] وكما قال الشاعر: [البسيط]
  ٥٠٢ - أمّا سلكت سبيلا كنت سالكها ... فاذهب فلا يبعدنك الله منتشر(١)
  وسلك وسلكته مثل رجع ورجعته وأسلكته لغة معروفة أنشد أبو عبيدة وغيره لعبد مناف بن ربع: [البسيط]
  ٥٠٣ - حتّى إذا أسلكوهم في قتائدة ... شلّا كما تطرد الجمّالة الشّردا(٢)
  ولم يطعن الأصمعي في هذا البيت غير أنه قال: أسلكه حمله على أن يسلك، وزعم أبو عبيدة أن الجواب محذوف وخولف في هذا، وقيل: الجواب شلّوا وشلّا يقوم مقامه.
  {وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً ١٨}
  {وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ} «أنّ» في موضع نصب بمعنى ولأن وعلى قول بعضهم في موضع رفع عطفا على {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ}. {فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً} نهي لجماعة وحذفت منه النون للجزم.
  {وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً ١٩}
  روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس «لبدا» أعوانا، وقال مجاهد: {وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً ١٩} لبدا جماعات ومالا لبدا كثيرا. قال أبو جعفر: وهذا قول بيّن وإن كان هذا قد قرئ {لِبَداً}(٣) فهو بعيد، والمعنى على الجماعة الأعلى الكثرة كما قال مجاهد: من تلبد الشيء على الشيء إذا تجمّع عليه ولصق به وعليه لبدة أي شعر وما أشبهه كما قال: [الطويل]
  ٥٠٤ - لدى أسد شاكي السّلاح مقاذف ... له لبد أظفاره لم تقلّم(٤)
(١) الشاهد لأعشى باهلة في الأصمعيات ٩٣، والخزانة ١/ ٩٧.
(٢) الشاهد لعبد مناف بن ربع الهذليّ في الأزهيّة ٢٠٣، والإنصاف ٢/ ٤٦١، وجمهرة اللغة ٨٥٤، وخزانة الأدب ٧/ ٣٩، والدرر ٣/ ١٠٤، وشرح أشعار الهذليين ٢/ ٦٧٥، وشرح شواهد الإيضاح ص ٤٣١، ولسان العرب (شرد) و (قتد)، و (سلك)، و (إذا)، ومراتب النحويين ص ٨٥، ولابن أحمر في ملحق ديوانه ١٧٩، ولسان العرب (حمر)، وبلا نسبة في أدب الكاتب ٤٣٤، والأشباه والنظائر ٥/ ٢٥، وجمهرة اللغة ٣٩٠، والصاحبي في فقه اللغة ١٣٩، وهمع الهوامع ١/ ٢٠٧.
(٣) انظر تيسير الداني ١٧٥، والبحر المحيط ٨/ ٣٤٦.
(٤) الشاهد لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ٢٤، ولسان العرب (قذف) و (مكن)، وتهذيب اللغة ٩/ ٧٦، وجمهرة اللغة ٩٧٤، وتاج العروس (قذف).