(72) شرح إعراب سورة الجن
  {قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً ٢٠}
  ويقرأ {قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي}(١) والقراءة يقال متّسقة ويقال منقطعة، والمعنيان صحيحان أي قل لهم فقال: إنما أدعو ربي {وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً} نسق ويجوز أن يكون مستأنفا.
  {قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً ٢١}
  أي لا أملك أن أضرّكم في دينكم ولا دنياكم إلا أن أرشدكم كرها أي إلّا أن أبلغكم، وفيه قول آخر يكون نصبا على إضمار فعل، ويكون مصدرا أي: قل إني لن يجيرني من الله أحد إلا أن أبلغ رسالته فيكون «أن» منفصلة من لا. والمعنى: إلّا بلاغا ما أتاني من الله ورسالاته. {وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً} شرط ومجازاة، وهو في كلام العرب عام لكل من عصى الله جلّ وعزّ إلّا من استثني بآية من القرآن أو توقيف من الرسول ﷺ أو بإجماع من المسلمين، والذي جاء مستثنى منه من تاب وآمن ومن عمل صغيرة واجتنب الكبائر وسائر ذلك داخلون في الآية إلّا ما صحّ عن النبي من خروج الموحّدين من النار.
  {قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً ٢٢}
  {لَنْ} تجعل الفعل مستقبلا لا غير {وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً} أي ملجأ ألجأ إليه وأميل. واللحد في القبر من هذا؛ لأنه مائل ناحية منه، ويمال الميت إليه.
  {إِلاَّ بَلاغاً مِنَ اللهِ وَرِسالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ٢٣}
  {إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللهِ} نصب على الاستثناء، والمعنى فيه إذا كان استثناء.
  {حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً ٢٤}
  إذا ظرف ولا تعرب لشبهها بالحروف بتنقّلها وأن فيها معنى المجازاة، وجوابها {فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً} «من» في موضع رفع لأنها استفهام، ولا يعمل في الاستفهام ما قبله هذا الوجه وإن جعلتها بمعنى الذي كانت في موضع نصب وأضمرت مبتدأ؛ وكان {أَضْعَفُ} خبره {وَأَقَلُ} عطف عليه {عَدَداً} نصب على البيان.
  {قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً ٢٥}
  {أَدْرِي} في موضع رفع حذفت الضمة منه، ومن نصبه فقد لحن لحنا لا يجوز {أَمْ يَجْعَلُ لَهُ} عطف عليه.
(١) انظر تيسير الداني ١٧٥.