(74) شرح إعراب سورة المدثر
  روى عطية عن أبي سعيد عن النبي ﷺ قال: «يكلّف صعود عقبة إذا جعل يده عليها ذابت وإذا جعل رجله عليها ذابت»(١).
  {إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ ١٨ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ١٩}
  {إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ ١٨} أي فكّر في ردّ آيات الله جلّ وعزّ، وقد رجع مرة بعد مرة ينظر هل يقدر أن يردّها وهو الوليد بن المغيرة بلا اختلاف. قال قتادة: زعموا أنه فكر فيما جاء به النبي فقال: والله ما هو بشعر، وإن له لحلاوة وإنّ عليه لطلاوة وما هو عندي إلا سحر. فأنزل الله تعالى: {فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ١٩} قال أبو جعفر: قول الفراء قتل بمعنى لعن. قال أبو جعفر: هذا يجب على كلام العرب أن يكون قتل بمعنى أهلك؛ لأن المقتول مهلك.
  {ثُمَّ نَظَرَ ٢١ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ٢٢}
  أي قبض بين عينيه وقطّب لمّا عسر عليه الردّ على النبي ﷺ.
  {ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ ٢٣}
  {ثُمَّ أَدْبَرَ} عن الحق {وَاسْتَكْبَرَ} فأخبر الله بجهله أنه تكبّر أن يصدّق بآيات الله ورسوله بعد أن يتهيأ له ردّ ما جاء به، ولم يتكبّر أن يسجد لحجارة لا تنفع ولا تضر.
  {فَقالَ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ ٢٤ إِنْ هذا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ ٢٥}
  {فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ ٢٤} لما لم يجد حجّة كفر ثم قال {إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ ٢٥} فزاد في جهله ما لم يخف؛ لأنّ النبي ﷺ قد تحدّاهم وهم عرب مثله على أن يأتوا بسورة من مثله فعجزوا عن ذلك، ولو كان قول البشر لساغ لهم ما ساغ له.
  {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ ٢٦}
  قيل: لم ينصرف لأنها اسم لمؤنث، وقيل: إنها اسم أعجمي والأول الصّواب لأن الأعجمي إذا كان على ثلاثة أحرف انصرف وإن كان متحرّك الأوسط، وأيضا فإنه اسم عربيّ مشتقّ يقال: سقرته الشمس إذا أحرقته، والسّاقور حديدة تحمى ويكوى بها الحمار.
  {وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ ٢٧}
  الجملة في موضع نصب بإدراك إلّا أن الاستفهام لا يعلم فيه ما قبله.
  {لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ ٢٨}
  يقال: لم حذفت الواو من «تذر»؟ وإنما تحذف في «يذر»؟ فإن قيل: أصله يفعل
(١) انظر البحر المحيط ٨/ ٣٦٦.