(74) شرح إعراب سورة المدثر
  أوتوا الكتاب {وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً} عطف على الأول، وكذا {وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ} ثم أعيدت اللّام، ولو لم يؤت بها لجاز في {وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكافِرُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً} «ما» في موضع نصب بأراد، وهي وذا بمنزلة شيء واحد فإن جعلت «ذا» بمعنى الذي فما في موضع رفع بالابتداء وذا خبره وما بعده صلة له {كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ} الكاف في موضع نصب نعت لمصدر. {وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} رفع بيعلم، ولا يجوز النصب على الاستثناء، وكذا {وَما هِيَ إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ} قال مجاهد: أي وما النار إلا ذكرى للبشر، وذكر محمد بن جرير أن التمام {لَّا} على أن المعنى ليس القول على ما قال المشرك لأصحابه المشركين أنا أكفيكم أمر خزنة النار {وَالْقَمَرِ} قسم أي وربّ القمر.
  {وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ ٣٣}(١)
  قراءة ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد وعمر بن عبد العزيز وأبي جعفر وشيبة وابن كثير وأبي عمرو وعاصم، وقرأ الحسن وابن محيصن وحمزة ونافع {وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ}. قال أبو جعفر: الصحيح أن دبر وأدبر بمعنى واحد. على هذا كلام أهل التفسير وأكثر أهل اللغة. و «إذا» للمستقبل و «إذ» للماضي. وأما قول أبي عبيد أنه يختار «إذا دبر» لأن بعده {وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ} لأن الله تعالى يقسم بما شاء ولا يتحكّم في ذلك بأن يكونا جميعا مستقبلين أو ماضيين.
  {إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ ٣٥}
  أن إن النار لإحدى الأمور العظام قال أبو رزين: «إنها» أي إن جهنّم و {الْكُبَرِ} بالألف واللام لا يجوز حذفهما عند أحد من النحويين، ولم يجيء في كلام العرب شيء من هذا بغير الألف واللام إلّا أخر، ولذلك منعت من الصرف.
  {نَذِيراً لِلْبَشَرِ ٣٦}
  قال الحسن: ليس نذير أدهى من النار أو معنى هذا. قال أبو رزين: يقول الله تعالى أنا نذير للبشر، وقال ابن زيد: محمد ﷺ نذير للبشر. قال أبو جعفر: فهذه أقوال أهل التأويل وقد يستخرج الأقراب منها. وفي نصب نذير سبعة أقوال: يكون حالا من المضمر في «أنا»، ويجوز أن يكون حالا من إحدى الكبر. وهذان القولان مستخرجان من قول الحسن لأنه جعل النار هي المنذرة، ويجوز أن يكون التقدير: وما يعلم جنود ربّك إلا هو نذيرا للبشر، ويجوز أن يكون التقدير: صيّرها الله جلّ وعزّ
(١) انظر تيسير الداني ١٧٦، وكتاب السبعة لابن مجاهد ٦٥٩، والبحر المحيط ٨/ ٣٦٩.