إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(74) شرح إعراب سورة المدثر

صفحة 49 - الجزء 5

  كذلك نذيرا للبشر، وهذان القولان مستخرجان من قول أبي رزين وقال الكسائي: أي قم نذيرا. وهذا يرجع إلى قول ابن زيد. ويجوز أن يكون نذير بمعنى إنذار كما قال: «فكيف كان نذير»⁣(⁣١) ويكون التقدير: وما جعلنا أصحاب النار إلّا ملائكة إنذارا. قال أبو جعفر: وسمعت علي بن سليمان يقول: يكون التقدير: أعني نذيرا. قال أبو جعفر: وحذف الياء من نذير إذا كان للنار بمعنى النسب.

  {لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ ٣٧}

  بدل بإعادة اللام، ولو كان بغير اللام لجاز.

  {كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ٣٨}

  {رَهِينَةٌ} محمول على المعنى، ولو كان على اللفظ كان رهين.

  {إِلاَّ أَصْحابَ الْيَمِينِ ٣٩ فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ ٤٠ عَنِ الْمُجْرِمِينَ ٤١ ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ٤٢}

  نصب على الاستثناء وقد صحّ عن رجلين من أصحاب النبي أنه يراد بأصحاب اليمين هاهنا الملائكة والأطفال، ويدلّ على هذا أن بعده {يَتَساءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} فهذا كلام من لم يعمل خطيئة، وروى ابن عيينة عن عمرو بن دينار قال سمعت ابن الزبير يقرأ {يَتَساءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ} يا فلان ما سلكك في سقر وهذه القراءة على التفسير، والإسناد بها صحيح.

  {ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ٤٢ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ٤٣ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ٤٤}

  {وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} حذفت النون لكثرة الاستعمال ولو جيء بها لكان جيدا في غير القرآن، وقال محمد بن يزيد: أشبهت النون التي تحذف في الجزم في قولنا: يقومان ويقومون، وقال أحمد بن يحيى ثعلب: أخطأ، ولو كان كما قال لحذفت في قولنا: لم يصن زيد نفسه.

  {وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ ٤٥ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ ٤٦ حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ ٤٧}

  {وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ} جيء بالكاف مضمومة ليدلّ ذلك على أنها من ذوات الواو فنقل فعل إلى فعل، وكذا {وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ} أي إلى أن و «أن» مضمرة بعد «حتى».

  {فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ ٤٨}

  أي ليس يشفع فيهم الشافعون ودلّ بهذا على أن الشفاعة تنفع غيرهم.


(١) هذه ليست آية وإنما الآية {فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ}⁣[الملك: ١٧].