إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(75) شرح إعراب سورة القيامة

صفحة 53 - الجزء 5

  الحمار فلا يقدر يأكل بها كالبهائم فتفضّل الله جلّ وعزّ عليه وفضّله، وقال الحسن: كنا نقدّر أن نجعل أصابعه قدرا واحدا ولا يكون لها حسن ولا يكاد ينتفع بها.

  {بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ ٥}

  هذه لام كي وقولهم لام «إنّ» لا معنى له، ولكن يريد يدلّ على الإرادة أي إرادته ليفجر أمامه.

  {يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ ٦}

  التقدير أي وقت يوم القيامة، وفتحت النون من إيان لالتقاء الساكنين.

  {فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ ٧ وَخَسَفَ الْقَمَرُ ٨}

  {فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ ٧} قراءة أبي عمرو وعاصم وشيبة وحمزة والكسائي، وقرأ نصر بن عاصم وابن أبي إسحاق وأبو جعفر ونافع {فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ}⁣(⁣١) بفتح الراء ومعنى الكسر بيّن أي حار وفزع من الموت ومن أمر القيامة وبرق ولمع. قال الحسن وقتادة: {وَخَسَفَ الْقَمَرُ ٨} ذهب ضوءه.

  {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ٩}

  يقال: الشّمس مؤنثة بلا اختلاف فكيف لم يقل، وجمعت ففي هذا أجوبة منها أن التقدير وجمع بين الشمس والقمر فحمل التذكير على بين، وقيل: لما كان وجمع الشمس لا يتمّ به الكلام حتى يقال: والقمر وكان القمر مذكّرا كان المعنى جمعا فوجب أن يذكر فعلهما في التقديم كما يكون في التأخير. وأولى ما قيل فيه قول الكسائي، قال: المعنى: وجمع النوران أي الضياءان وفي موضع آخر: {فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي}⁣[الأنعام: ٧٨] وأما محمد بن يزيد فيقول: هذا كلّه تأنيث غير حقيقي؛ لأنه لم يؤنّث للفرق بين شيء وشيء فلك تذكيره؛ لأنه بمعنى شخص وشيء.

  {يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ ١٠}

  فهذا مصدر بلا اختلاف أي أين الفرار؟ وروى ابن عيينة عن عمرو بن دينار قال: سمعت ابن عباس يقرأ {أَيْنَ الْمَفَرُّ}⁣(⁣٢) قال أبو جعفر: هذا إسناد مستقيم، وهو عند البصريين اسم للمكان وزعم الفراء⁣(⁣٣): إنه يجيز في المصدر الكسر.


(١) انظر معاني الفراء ٣/ ٢٠٩، وتيسير الداني ١٧٦.

(٢) انظر مختصر ابن خالويه ١٦، والبحر المحيط ٨/ ٣٧٧.

(٣) انظر معاني الفراء ٣/ ٢١٠.