إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(78) شرح إعراب سورة عم يتساءلون (النبأ)

صفحة 85 - الجزء 5

  إكراما وانطلق انطلاقا فهذا قياس مستتب وكذا كذّب كذّابا وتكلم كلاما ثم إنهم قالوا كذب تكذيبا فقال سيبويه: أبدلوا من العين الزائدة تاء وقلبوا الألف ياء فغيّروا أوله كما غيّروا آخره. قال أبو جعفر: فأما تكلّم تكلما فجاؤوا بالماضي ولم يزيدوا ألفا لكثرة حروفه وضموا اللام قال سيبويه: لأنه ليس في الأسماء تفعل.

  {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً ٢٩ فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذاباً ٣٠}

  {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ} نصب كلّ بإضمار فعل ليعطف ما عمل فيه الفعل على ما عمل فيه الفعل كما قال⁣(⁣١): [مخلع البسيط]

  ٥٣٣ - أصبحت لا أحمل السّلاح ولا ... أملك رأس البعير إن نفرا

  والذّئب أخشاه إن مررت به ... وحدي وأخشى الرّياح والمطرا

  ويجوز الرفع بالابتداء والكوفيون يقولون: بالعائد عليه. {كِتاباً} مصدر فمن النحويين من يقول: العامل فيه مضمر أي كتبناه كتابا أي كتبنا عدده ومبلغه ومقداره فلا يغيب عنا منه شيء كتابا. وقيل: العامل فيه «أحصيناه» لأن أحصيناه وكتبناه واحد. قال الحسن: سألت أبا بردة عن أشد آية في القرآن على أهل النار فقال: تلا رسول الله {فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً ٣٠} فقال: أهلك القوم بمعصيتهم لله جلّ وعزّ، وقال عبد الله ابن عمر: ولم ينزل على أهل النار أشدّ من قوله: {فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً ٣٠}.

  {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً ٣١ حَدائِقَ وَأَعْناباً ٣٢}

  {حَدائِقَ} بدل من «مفاز» والمفاز الظفر بما يحبّه الإنسان. قال ابن عباس: الحدائق الشجر الملتفّ، وقال الضحاك: الذي عليه الحيطان. قال أبو جعفر: وكذلك هو في اللغة وقد حدق بالقوم كما قال: [الخفيف]

  ٥٣٤ - وقد حدقت بي المنيّة⁣(⁣٢)

  {وَكَواعِبَ أَتْراباً ٣٣}

  معطوف الواحدة كاعب وكواعب للجمع والمؤنث.

  {وَكَأْساً دِهاقاً ٣٤}

  أي ممتلئة. مشتقّ من دهقه إذا تابع عليه الشدّة.


(١) مرّ الشاهد رقم (١١٣).

(٢) الشاهد مقطع من بيت للأخطل التغلبي في ديوانه ٨٣، واللسان (حدق)، وتمامه:

«المنعمون بنو حرب وقد حدقت ... بي المنيّة واستبطأت أنصاري»