(89) شرح إعراب سورة الفجر
  أنه قد علم المسلمون أنه ليس أحد يوم القيامة يعذّب إلا الله فكيف يكون لا يعذّب أحد عذابه، هذه حجّته. قال أبو جعفر: وأغفل ما قاله العلماء في تأويل الآية؛ لأنهم قالوا، منهم الحسن: لا يعذّب أحد في الدنيا بمثل عذاب الله يوم القيامة. وتأوّل أبو عبيد معنى {لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ} لا يعذّب عذاب الكافر أحد. وخولف أيضا في هذا التأويل، وممن خالفه الفراء(١) ذهب إلى أن المعنى: لا يعذّب أحد في الدنيا مثل عذاب الله في الآخرة، وفيه قول ثالث أنه يراد به رجل بعينه.
  {يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ٢٧}
  ويجوز يا أيّها لإبهام أيّ {النَّفْسُ} نعت لأيّ و {الْمُطْمَئِنَّةُ} نعت للنفس فإن جعلتها نعتا لأي جاز نصبها، لأن قد تمّ الكلام كما تقول: يا زيد الكريم أقبل. والمعنى المطمئنة بوعد الله جلّ وعزّ ووعيده.
  {ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً ٢٨}
  {ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ} في معناه قولان قال سعيد بن جبير: إلى جسدك فالمعنى على هذا أن النفس خوطبت. قال الضحاك: إلى الله فالمعنى على هذا أن المخاطبة للإنسان وإليه يذهب الفراء، وإلى أنّ المعنى أنّ الملائكة تقول لهم إذا أعطوا كتبهم بأيمانهم هذا أي ارجعي إلى ثواب ربك.
  {فَادْخُلِي فِي عِبادِي ٢٩} أي في عبادي الصالحين أي كوني معهم. قال الفراء(٢): وقرأ ابن عباس وحده «فادخلي في عبدي»(٣). قال أبو جعفر: وهذا غلط: أعني قوله وحده، هذه قراءة مجاهد وعكرمة وأبي جعفر والضحاك. وتقديرها في العربية على معنى الجنس أي لتدخل كلّ روح في عبد وقيل: هو واحد يدلّ على جمع وعلامة الجزم في ادخلي عند الكوفيين حذف النون، والبصريون يقولون: ليس بمعرب لأنه غير مضارع ولا عامل معه فيجزمه، وزعم الفراء أن العامل فيه اللام وهي محذوفة.
(١) انظر معاني الفراء ٣/ ٢٦٢.
(٢) انظر معاني الفراء ٣/ ٢٦٣.
(٣) انظر البحر المحيط ٨/ ٤٦٧.