إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(91) شرح إعراب سورة الشمس

صفحة 147 - الجزء 5

  الطّغوى الطغيان واحد إلا أن عطاء الخراساني روى عن ابن عباس قال: بطغواها بعذابها، والطّغوى اسم العذاب. قال أبو جعفر: وهذا يصحّ على حذف أي بعذاب طغواها مثل {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ}⁣[يوسف: ٨٢].

  {إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها ١٢}

  حكى الفرّاء أنهما اثنان، وأنشد: [الطويل]

  ٥٦٩ - ألا بكّر النّاعي بخيري بني أسد ... بعمرو بن مسعود وبالسّيّد الصّمد⁣(⁣١)

  يريد أنه جعل خبر الاثنين، وشبهه بقولهم: هذان أفضل الناس، وهذان خير الناس. قال أبو جعفر: هذا الذي حكاه خلاف ما قال الله جلّ وعزّ، وقاله رسول الله ، وقاله أهل التأويل قال الله: أشقاها. فخبّر عن واحد فحكي أنهما اثنان وقال رسول الله : انتدب لها رجل، ولم يقل رجلان، وقال أهل التأويل انتدب لها قدار بن سالف. قال أبو جعفر: وله نظير أو أعظم منه في سورة الرّحمن.

  {فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها ١٣}

  أي احذروا ناقة الله. قال الفرّاء⁣(⁣٢): ولو قرأ قارئ «ناقة الله» بالرفع أي هذه ناقة الله لجاز. قال أبو جعفر: ولا يجوز الابتداع في القراءات.

  {فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها ١٤}

  {فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها} قال الفرّاء: أراد فعقروها فكذبوه. وهذا خطأ في الفاء لأنها تدلّ على أن ثانيا بعد الأول، وهذا عكس اللغة، ومع هذا فليست ثم حال يضطر إليه لأنهم كذّبوا صالحا بأن قال لهم: إن عقرتموها انتقم الله منكم فكذبوه في ما قال فعقروها، وقد قيل: «فكذبوه» كلام تام ثم عطف عليه فعقروها. قال أبو جعفر: وفي هذا من المشكل أن يقال: قد كانوا آمنوا وصدقوا، وجعلوا للناقة يوما ولهم يوما في الشرب فزعم الفرّاء⁣(⁣٣) إن الجواب عن هذا أنهم أقروا به ولم يؤمنوا. وهذا القول الذي قاله مما لا يجب أن يجترأ عليه إلا برواية لأنه مغيّب، والرواية بخلافه. روى سعيد عن قتادة قال: توقّف أحيمر ثمود عن عقر الناقة حتى اجتمعوا كلّهم معه على تكذيب صالح صغيرهم وكبيرهم وذكرهم وأنثاهم فلهذا عمّم الله بالعذاب {فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ} قال الفرّاء⁣(⁣٤): أي أرجف، وقال غيره: أي عذّبهم، {فَسَوَّاها} قال أبو جعفر:


(١) الشاهد لسبرة بن عمرو الأسدي في التنبيه والإيضاح ٢/ ١١٩، وجمهرة اللغة ٦٥٧، وسمط اللآلي ٩٣٣، وبلا نسبة في لسان العرب (صمد) و (خير)، والمخصّص ١٢/ ٣٠١، وديوان الأدب ١/ ٢٠٩ وتهذيب اللغة ١٢/ ١٥٠، وإصلاح المنطق ٤٩، وأمالي القالي ٢/ ٢٨٨.

(٢) انظر معاني الفراء ٣/ ٢٦٨.

(٣) انظر معاني الفراء ٣/ ٢٦٩.

(٤) انظر معاني الفراء ٣/ ٢٦٩.