إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(3) شرح إعراب سورة آل عمران

صفحة 144 - الجزء 1

  لِمَنْ تابَ وَآمَنَ}⁣[طه: ٨٢] والمتشابهات نحو {إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً}⁣[الزمر: ٥٣] يرجع فيه إلى قوله {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ}⁣[طه: ٨٢] وإلى قوله: {إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ}⁣[النساء: ٤٨] فأما ترك صرف «أخر» فلأنها معدولة عن الألف واللام. وقد ذكرناه⁣(⁣١). {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} «الذين» في موضع رفع بالابتداء والخبر {فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ} ويقال زاغ يزيغ زيغا إذا ترك القصد، {ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ} مفعول من أجله أي ابتغاء الاختبار الذي فيه غلوّ وإفساد ذات البين ومنه فلان مفتون بفلانة أي قد غلا في حبّها. {وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ} عطف على الله جلّ وعزّ. هذا أحسن ما قيل فيه لأن الله جلّ وعزّ مدحهم بالرسوخ في العلم فكيف يمدحهم وهم جهّال. قال أبو جعفر: وقد ذكرنا أكثر من هذا الاحتجاج فأما القراءة المرويّة عن ابن عباس وما يعلم تأويله إلّا الله ويقول الراسخون في العلم⁣(⁣٢) فمخالفة لمصحفنا وإن صحّت فليس فيها حجة لمن قال الراسخون في العلم ويقول الراسخون في العلم آمنا بالله فأظهر ضمير الراسخين ليبيّن المعنى كما أنشد سيبويه: [الخفيف]

  ٧٠ - لا أرى الموت يسبق الموت شيء ... نغّص الموت ذا الغنى والفقيرا⁣(⁣٣)

  فإن قال قائل: قد أشكل على الراسخين في العلم بعض تفسيره حتى قال ابن عباس: لا أدري ما {الأواه}⁣[التوبة: ١١٤] وما {غِسْلِينٍ}⁣[الحاقة: ٣٦] فهذا لا يلزم لأن ابن عباس | قد علم بعد ذلك وفسّر ما وقف عنه، وجواب أقطع من هذا إنما قال الله ø {وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} ولم يقل جلّ وعزّ: وكل راسخ فيجب هذا فإذا لم يعلمه أحدهم علمه الآخر. قال ابن كيسان: ويقال: الراصخون بالصاد لغة لأنّ بعدها خاء. {يَقُولُونَ} في موضع نصب على الحال من الراسخين كما قال: [مجزوء الكامل]

  ٧١ - الرّيح تبكي شجوه ... والبرق يلمع في الغمامه⁣(⁣٤)

  ويجوز أن يكون الراسخون في العلم تمام الكلام ويكون يقولون مستأنفا.


(١) انظر إعراب الآية ١٨٤ - سورة البقرة.

(٢) انظر معاني الفراء ١/ ١٩١.

(٣) الشاهد لعدي بن زيد في ديوانه ٦٥، والأشباه والنظائر ٨/ ٣٠، وخزانة الأدب ١/ ٣٧٨، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٣٦، ١١٨، ولسوادة بن عدي في شرح أبيات سيبويه ١/ ١٢٥، وشرح شواهد المغني ٢/ ١٧٦، والكتاب ١/ ١٠٦، ولسوادة أو لعدي في لسان العرب (نغص)، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ١/ ١٥٣، وخزانة الأدب ٦/ ٩٠ و ١١/ ٣٦٦، والخصائص ٣/ ٥٣، ومغني اللبيب ٢/ ٥٠٠.

(٤) الشاهد ليزيد بن مفرغ الحميري في ديوانه ص ٢٠٨.

«الريح تبكي شجوها ... والبرق يضحك في الغمامه»

وفي لسان العرب (درك)، وفي تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة ١٢٧، وغير منسوب في الأضداد لابن الأنباري ٤٢٤.