(3) شرح إعراب سورة آل عمران
  {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ ١١}
  قد ذكرنا موضع الكاف، وزعم الفراء(١) أن المعنى: كفرت العرب كفرا ككفر آل فرعون. قال أبو جعفر: لا يجوز أن تكون الكاف متعلّقة بكفروا لأن كفروا داخل في الصلة وكدأب خارج منها. قال أبو حاتم: وسمعت يعقوب يذكر «كدأب»(٢) بفتح الهمزة وقال لي وأنا غليّم: على أيّ شيء يجوز «كدأب» فقلت: أظنّه من دئب يدأب دأبا فقيل ذلك منّي وتعجّب من جودة تقديري على صغري ولا أدري أيقال ذلك أم لا؟ قال أبو جعفر: هذا القول خطأ لا يقال البتّة: دئب، وإنما يقال: دأب يدأب، دؤبا ودأبا، هكذا حكى النحويون منهم الفراء، حكى في «كتاب المصادر» كما قال: [الطويل]
  ٧٤ - كدأبك من أمّ الحويرث قبلها ... وجارتها أمّ الرّباب بمأسل(٣)
  فأما الدأب فإنه يجوز كما يقال: شعر وشعر ونهر ونهر لأن فيه حرفا من حروف الحلق.
  {قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ ١٣}
  {قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ} بمعنى إحداهما فئة وقرأ الحسن ومجاهد {فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ} بالخفض على البدل؛ قال أحمد بن يحيى ويجوز النصب على الحال أي التقتا مختلفتين قال أبو إسحاق(٤): النصب بمعنى أعني. ترونهم مّثليهم(٥) نصب على الحال، ومن قرأ ترونهم(٦) فالنصب عنده على خبر ترى وقد ذكرنا المعنى.
  {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ
(١) انظر معاني الفراء ١/ ١٩١.
(٢) انظر البحر المحيط ٢/ ٤٠٧.
(٣) الشاهد لامرى القيس في ديوانه ص ٩، وجمهرة اللغة ص ٦٨٨، وخزانة الأدب ٣/ ٢٢٣، والمنصف ١/ ١٥٠، وتاج العروس (أسل).
(٤) انظر إعراب القرآن ومعانيه للزجاج ٣٣٥.
(٥) انظر تيسير الداني ٧٢.
(٦) انظر البحر المحيط ٢/ ٤٠٧، والمحتسب ١/ ١٥٤.