إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(3) شرح إعراب سورة آل عمران

صفحة 146 - الجزء 1

  {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ ١١}

  قد ذكرنا موضع الكاف، وزعم الفراء⁣(⁣١) أن المعنى: كفرت العرب كفرا ككفر آل فرعون. قال أبو جعفر: لا يجوز أن تكون الكاف متعلّقة بكفروا لأن كفروا داخل في الصلة وكدأب خارج منها. قال أبو حاتم: وسمعت يعقوب يذكر «كدأب»⁣(⁣٢) بفتح الهمزة وقال لي وأنا غليّم: على أيّ شيء يجوز «كدأب» فقلت: أظنّه من دئب يدأب دأبا فقيل ذلك منّي وتعجّب من جودة تقديري على صغري ولا أدري أيقال ذلك أم لا؟ قال أبو جعفر: هذا القول خطأ لا يقال البتّة: دئب، وإنما يقال: دأب يدأب، دؤبا ودأبا، هكذا حكى النحويون منهم الفراء، حكى في «كتاب المصادر» كما قال: [الطويل]

  ٧٤ - كدأبك من أمّ الحويرث قبلها ... وجارتها أمّ الرّباب بمأسل⁣(⁣٣)

  فأما الدأب فإنه يجوز كما يقال: شعر وشعر ونهر ونهر لأن فيه حرفا من حروف الحلق.

  {قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ ١٣}

  {قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ} بمعنى إحداهما فئة وقرأ الحسن ومجاهد {فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ} بالخفض على البدل؛ قال أحمد بن يحيى ويجوز النصب على الحال أي التقتا مختلفتين قال أبو إسحاق⁣(⁣٤): النصب بمعنى أعني. ترونهم مّثليهم⁣(⁣٥) نصب على الحال، ومن قرأ ترونهم⁣(⁣٦) فالنصب عنده على خبر ترى وقد ذكرنا المعنى.

  {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ


(١) انظر معاني الفراء ١/ ١٩١.

(٢) انظر البحر المحيط ٢/ ٤٠٧.

(٣) الشاهد لامرى القيس في ديوانه ص ٩، وجمهرة اللغة ص ٦٨٨، وخزانة الأدب ٣/ ٢٢٣، والمنصف ١/ ١٥٠، وتاج العروس (أسل).

(٤) انظر إعراب القرآن ومعانيه للزجاج ٣٣٥.

(٥) انظر تيسير الداني ٧٢.

(٦) انظر البحر المحيط ٢/ ٤٠٧، والمحتسب ١/ ١٥٤.