(4) شرح إعراب سورة النساء
  ليس بقديم ويكون {رَسُولُ اللهِ} خبرا ثانيا. {فَآمِنُوا بِاللهِ} أي بأنه إله واحد خالق المسيح ومرسله. {وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ} أي ولا تقولوا آلهتنا ثلاثة {انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ} قال سيبويه: ومما ينتصب على إضمار الفعل المتروك إظهاره قوله: {انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ} لأنك إذا قلت: انته فأنت تخرجه وتدخله في آخر وأنشد: [السريع]
  ١١٥ - فواعديه سرحتي مالك ... أو الرّبى بينهما أسهلا(١)
  ومذهب أبي عبيدة انتهوا يكن خيرا لكم. قال محمد بن يزيد: هذا خطأ لأنه لا يضمر الشرط وجوابه وهذا لا يوجد في كلام العرب، ومذهب الفراء أنه نعت لمصدر محذوف. قال علي بن سليمان: هذا خطأ فاحش لأنه يكون المعنى انتهوا الانتهاء الذي هو خير لكم. {إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ} ابتداء وخبر. {سُبْحانَهُ} مصدر. {أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ} في موضع نصب أي كيف يكون له ولد وولد الرجل مشبه له ولا شبيه لله جلّ وعزّ: {وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً} بيان، وإن شئت حال ومعنى وكيل كاف لأوليائه.
  {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً ١٧٢}
  {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ} أي لن يأنف {أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ} في موضع نصب أي من أن يكون عبدا لله {وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} فدلّ بهذا على أن الملائكة أفضل من الأنبياء À وكذا {وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ}[هود: ٣١].
  {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً ١٧٣}
  {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ} رفع بالابتداء والجملة الخبر، ويجوز أن يكون نصبا على إضمار فعل يفسره ما بعده وكذا {وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا} وقد ذكرنا معنى تسمية عيسى ﷺ بالكلمة(٢). ومن أحسن ما قيل فيه أنّ عيسى ﷺ لما كان يهتدى به صار بمنزلة كلام الله جلّ وعزّ الذي يهتدى به ولما كان يحيى به من موت الكفر قيل له روح الله جلّ وعزّ على التمثيل.
  {يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً ١٧٤}
  {وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً} أي يهتدى به من الضلالة فهو نور مبين أي واضح بين.
(١) الشاهد لعمر بن أبي ربيعة في خزانة الأدب ٢/ ١٢٠، والكتاب ١/ ٣٤٠، وله أو لغيره من الحجازيين في شرح أبيات سيبويه ١/ ٤٢٨، وبلا نسبة في لسان العرب (وعد).
(٢) انظر إعراب الآية ٤٥ - آل عمران.