إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(2) شرح إعراب سورة البقرة

صفحة 30 - الجزء 1

  {وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ ١١}

  {وَإِذا} في موضع نصب على الظرف. {قِيلَ لَهُمْ} فعل ماض، ويجوز {قِيلَ لَهُمْ} بالإدغام. وجاز الجمع بين ساكنين لأن الياء حرف مدّ ولين والأصل: قول ألقيت حركة الواو على القاف فانكسر ما قبل الواو فقلبت ياء. قال الأخفش: ويجوز قيل بضم القاف وبالياء، ومذهب الكسائي إشمام القاف الضّم ليدلّ على أنّه لما لم يسمّ فاعله وهي لغة كثير من قيس، فأما هذيل وبنو دبير⁣(⁣١) من بني أسد وبنو فقعس فيقولون: قول بواو ساكنة «لهم» الهاء والميم خفض باللام⁣(⁣٢). {لا تُفْسِدُوا} جزم بلا وعلامة الجزم حذف النون. {فِي الْأَرْضِ} خفض بفي، وإن خفّفت الهمزة ألقيت حركتها على اللام وحذفتها ولم تحذف ألف الوصل لأن الحركة عارضة فقلت: الأرض، وحكى الكسائي أللرض لمّا خفّفت الهمزة فحذفها أبدل منها لاما. قال الفراء: لمّا خفّفت الهمزة تحركت اللام فكره حركتها لأنّ أصلها السكون زاد عليها لاما أخرى ليسلم السكون. {قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ} ابتداء وخبر، و «ما» عند سيبويه⁣(⁣٣) كافّة لأنّ عن العمل، فأما ضمّ «نحن» ففيه أقوال للنحويين قال هشام⁣(⁣٤): الأصل نحن قلبت حركة الحاء على النون وأسكنت الحاء، وقال محمد بن يزيد: نحن مثل قبل وبعد لأنها متعلقة بالإخبار عن اثنين وأكثر قال أحمد بن يحيى: هي مثل حيت تحتاج إلى شيئين بعدها. قال أبو إسحاق الزجاج⁣(⁣٥): «نحن» للجماعة ومن علامة الجماعة الواو، والضمة من جنس الواو فلما اضطروا إلى حركة نحن لالتقاء الساكنين حرّكوها بما يكون للجماعة قال: ولهذا ضمّوا واو الجمع في قول {أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى}⁣[البقرة: ١٦] وقال عليّ بن سليمان: نحن يكون للمرفوع فحرّكوها بما يشبه الرفع.

  {أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ ١٢}

  {أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ} كسرت «إنّ» لأنها مبتدأة. قال عليّ بن سليمان: يجوز فتحها كما أجاز سيبويه⁣(⁣٦): حقا أنّك منطلق بمعنى «ألا» والهاء والميم اسم «إنّ» و «هم» مبتدأ و «المفسدون» خبر المبتدأ، والمبتدأ وخبره خبر «إنّ» ويجوز أن يكون «هم»


(١) بنو دبير: بطن من أسد من خزيمة من العدنانية (جمهرة أنساب العرب ١٩٥).

(٢) انظر: البحر المحيط ١/ ١٩١.

(٣) انظر الكتاب ٣/ ١٤٩.

(٤) هشام بن معاوية الضرير يكنى أبا عبد الله، صاحب الكسائي. (ت ٢٠٩ هـ) ترجمته في غاية النهاية ٢/ ٣٥٤.

(٥) انظر إعراب القرآن ومعانيه للزجاج ٥١.

(٦) انظر الكتاب ٣/ ١٤٠.