إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(6) شرح إعراب سورة الأنعام

صفحة 11 - الجزء 2

  {بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ وَتَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ ٤١}

  {إِيَّاهُ} نصب بتدعون {فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ} فعل مستقبل. {وَتَنْسَوْنَ} وتتركون مثل {وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ}⁣[طه: ١١٥] ويجوز أن يكون المعنى وتتركون فتكونون بمنزلة الناسين. وقرأ عبد الرحمن الأعرج. {مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ} بضم الهاء على الأصل لأن الأصل أن تكون الهاء مضمومة كما تقول: جئت معه وقد ذكرنا توحيد الهاء.

  {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا يَمَسُّهُمُ الْعَذابُ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ ٤٩}

  قال الكسائي: يقال بغتهم الأمر يبغتهم بغتا وبغتة إذا أتاهم فجاءة وقرأ الحسن والأعمش {الْعَذابُ بِما}⁣(⁣١) مدغما وهكذا روي عن أبي عمرو مدغما وقرأ يحيى بن وثّاب والأعمش {بِما كانُوا يَفْسُقُونَ}⁣(⁣٢) بكسر السين وهي لغة معروفة.

  {وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ ٥٢}

  {وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ} جزم بالنهي وعلامة الجزم حذف الضمة وكسرت الدال لالتقاء الساكنين. {يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ} غداة نكرة فعرفت بالألف واللام وكتبت بالواو كما كتبت الصلاة بالواو وقرأ أبو عبد الرحمن السلميّ وعبد الله بن عامر ومالك بن دينار {بِالْغَداةِ}⁣(⁣٣) وباب غدوة أن تكون معرفة إلا أنه يجوز تنكيرها كما تنكّر الأسماء الأعلام فإذا نكّرت دخلتها الألف واللام للتعريف، وعشيّ وعشيّة نكرتان لا غير. {ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} (من) الأولى للتبعيض والثانية زائدة للتوكيد وكذا. {وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ} جواب النفي. {فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ} جواب النهي.

  {وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهؤُلاءِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا أَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ ٥٣}

  لام كي وهذا من المشكل يقال: كيف فتنوا ليقولوا هذا لأنه إن كان إنكارا فهو كفر منهم وفي هذا جوابان: أحدهما أنّ المعنى اختبرنا الأغنياء بالفقراء أن تكون مرتبتهم عند النبي واحدة ليقولوا على سبيل الاستفهام لا على سبيل الإنكار {أَهؤُلاءِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا}، والجواب الآخر أنهم لما اختبروا بهذا فآل عاقبته


(١) انظر البحر المحيط ٤/ ١٣٦.

(٢) انظر البحر المحيط ٤/ ١٣٦.

(٣) انظر تيسير الداني ٨٥، والبحر المحيط ٤/ ١٣٩.