إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(6) شرح إعراب سورة الأنعام

صفحة 14 - الجزء 2

  {وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ ٦١}

  {حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} هذا اختيار الخليل وهي قراءة نافع على تخفيف الهمزة الثانية ويجوز تخفيفهما⁣(⁣١) وحذف إحداهما. {تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا} على تأنيث الجماعة كما قال: {فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ}⁣[غافر: ٨٣] وقرأ حمزة توفّاه رسلنا⁣(⁣٢) على تذكير الجمع وقرأ الأعمش يتوفّاه رسلنا بزيادة ياء في أوله والتذكير.

  {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ ٦٢}

  {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِ} على النعت وقرأ الحسن الحقّ⁣(⁣٣) بالنصب يكون مصدرا وبمعنى أعني، ومعنى مولاهم الحقّ أنه خالقهم ورازقهم ونافعهم وضارهم وهذا لا يكون إلا الله جلّ وعزّ {أَلا لَهُ} أي اعلموا وقولوا له الحكم وحده.

  {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجانا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ٦٣}

  {تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً} مصدر ويجوز أن يكون حالا والمعنى ذوي تضرّع وروى أبو بكر ابن عيّاش عن عاصم {وَخُفْيَةً}⁣(⁣٤) بكسر الخاء وروي عن الأعمش وخيفة الياء قبل الفاء وهذا معنى بعيد لأن معنى تضرعا أن يظهروا التذلّل، وخفية أن يبطنوا مثل ذلك قرأ الكوفيون {لَئِنْ أَنْجانا}⁣(⁣٥) واتّساق الكلام بالتاء كما قرأ أهل المدينة وأهل الشام.

  {قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ ٦٥}

  {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً} وروي عن أبي عبد الله المدني {أَوْ يَلْبِسَكُمْ}⁣(⁣٦) بضم الياء أي يجلّلكم العذاب ويعمّكم به وهذا من اللّبس بضم اللام والأول من اللّبس بفتحها وهو موضع مشكل والإعراب يبيّنه. قيل: التقدير أو يلبس عليكم أمركم فحذف أحد المفعولين وحرف الجر كما قال جلّ وعزّ {وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ}⁣[المطففين: ٣]


(١) انظر تيسير الداني ٨٥.

(٢) انظر البحر المحيط ٤/ ١٥٢.

(٣) وهذه قراءة الأعمش أيضا، انظر البحر المحيط ٤/ ١٥٣، ومختصر ابن خالويه ٣٧.

(٤) انظر البحر المحيط ٤/ ١٥٣، وتيسير الداني ٨٥.

(٥) انظر البحر المحيط ٤/ ١٥٤، وتيسير الداني ٨٥.

(٦) انظر البحر المحيط ٤/ ١٥٥.