إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(6) شرح إعراب سورة الأنعام

صفحة 18 - الجزء 2

  {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ ٧٦}

  {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً} مفعول. {قالَ هذا رَبِّي} ابتداء وخبر ومن أحسن ما قيل في هذا ما صحّ عن ابن عباس | أنه قال في قول الله جلّ وعزّ {نُورٌ عَلى نُورٍ}⁣[النور: ٣٥] قال: كذا قلب المؤمن يعرف الله جلّ وعزّ ويستدلّ عليه بقلبه فإذا عرفه ازداد نورا على نور وكذا إبراهيم عرف الله ø بقلبه واستدلّ عليه بدلائله فعلم أن له ربّا وخالقا فلما عرّفه الله جلّ وعزّ بنفسه ازداد معرفة فقال: {أَتُحاجُّونِّي فِي اللهِ وَقَدْ هَدانِ}⁣[الأنعام: ٨٠].

  {فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ ٧٨}

  {فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً} نصب على الحال لأن هذا من رؤية العين. {قالَ هذا رَبِّي} قال الكسائي والأخفش: أي قال هذا الطالع ربي، وقال غيرهما: أي هذا الضوء قال أبو الحسن علي بن سليمان: أي هذا الشخص كما قال الأعشى⁣(⁣١): [السريع]

  ١٣٣ - قامت تبكّيه على قبره ... من لي من بعدك يا عامر

  تركتني في الدّار ذا غربة ... قد ذلّ من ليس له ناصر

  {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ٧٩}

  أي قصدت بعبادتي وتوحيدي لله جلّ وعزّ وحده. {وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} اسم «ما» وخبرها، وإذا وقفت قلت: أنا، زدت الألف لبيان الحركة ومن العرب من يقول «انه».

  {وَحاجَّهُ قَوْمُهُ قالَ أَتُحاجُّونِّي فِي اللهِ وَقَدْ هَدانِ وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ ٨٠}

  {وَحاجَّهُ قَوْمُهُ قالَ أَتُحاجُّونِّي} قرأ نافع أتحاجّوني⁣(⁣٢) بنون مخفّفة، وحكي عن أبي عمرو بن العلاء أنه قال: هو لحن وأجاز سيبويه⁣(⁣٣) ذلك وقال: استثقلوا التّضعيف، وأنشد: [الوافر]


(١) البيتان بلا نسبة في أمالي المرتضى ١/ ٧١، والأشباه والنظائر ٥/ ١٧٧، والإنصاف ٢/ ٥٠٧، وسمط اللآلي ١/ ١٧٤، وشرح المفصل ٥/ ١٠١، ولسان العرب (عمر).

(٢) هذه قراءة ابن عامر أيضا، انظر البحر المحيط ٤/ ١٧٤، وتيسير الداني ٨٦.

(٣) انظر الكتاب ٤/ ٤.