(9) شرح إعراب سورة براءة
  عنده رفع بالابتداء لا غير، وفي الخبر قولان: زعم الكسائي أن التقدير: الذين اتخذوا مسجدا لا تقم فيه أبدا أي لا تقم في مسجدهم كما قال: [السريع]
  ١٩٣ - من باب من يغلق من داخل(١)
  قال: يريد من باب من يغلق بابه من داخل. قال أبو جعفر: هذا خطأ عند البصريين ولا يجوز في شعر ولا غيره ولو جاز هذا لقلت: الذي اشتريت عمرو بمعنى الذي اشتريت داره عمرو. قال أبو جعفر: يكون خبر الابتداء لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم. {ضِراراً} مصدر مفعول من أجله. {وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصاداً} عطف كله.
  {لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ١٠٨}
  {لَمَسْجِدٌ} ابتداء. {أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى} نعت. {أَحَقُ} خبر الابتداء. {أَنْ تَقُومَ فِيهِ} في موضع نصب أي بأن تقوم فيه. قال سعيد بن المسيب: المسجد الذي أسّس على التقوى مسجد المدينة الأعظم، وروي عن ابن عباس أنه مسجد قباء، وكذا قال الضحاك وقد ذكرنا الحديث عن النبي ﷺ أنه سئل عنه فقال: هو مسجدي هذا. {فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} قال الشّعبي: هم أهل مسجد قباء أنزل الله جلّ وعزّ فيهم هذا. قال أبو جعفر: يكون على قول الشعبي فيه لمسجد قباء ويكون الضميران مختلفين، وقد يجوز أن يكونا متّفقين ويكونا لمسجد النبي ﷺ.
  {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ١٠٩}
  {أَفَمَنْ أَسَّسَ}(٢) {بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللهِ وَرِضْوانٍ} من بمعنى الذي وهو في موضع رفع بالابتداء وخبره {خَيْرٌ}، {أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ} عطف على الأولى، وهذه قراءة زيد بن ثابت وبها قرأ نافع. وفيه أربع قراءات سوى هذه القراءة: قرأ أبو جعفر يزيد بن القعقاع وأبو عمرو وعاصم والأعمش وحمزة والكسائي {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ} بفتح الهمزة ونصب البنيان وهو اختيار أبي عبيد لكثرة من قرأ به وأن الفاعل
(١) الشاهد بلا نسبة في الدرر ١/ ٢٩٨، وهمع الهوامع ١/ ٩٠، وشرح جمل الزجاجي لابن عصفور ١/ ٨٢، ويروى هكذا:
«أعوذ بالله وآياته ... من باب من يغلق من خارج»
(٢) هذه قراءة نافع وابن عامر، انظر البحر المحيط ٥/ ١٠٣، وتيسير الداني ٩٨.