(12) شرح إعراب سورة يوسف #
  يدخل المميز هاهنا. وقال أبو جعفر: وذا لا يجوز عند البصريين أيضا، وقرأ أبو جعفر والحسن {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ}(١) بإسكان العين، فزعم الأخفش والفراء أنهم استثقلوا الحركات فحذفوا لما كثرت. قال أبو جعفر: لم يذكر هذا سيبويه بل يجب على نصّ كلامه أن لا يجوز لأنه قال(٢): أحد عشر مثل أحد جمل ولا يجوز عنده حذف الفتحة لخفتها. {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ} عطف عليه. {رَأَيْتُهُمْ} توكيد، وقال: {رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ} فجاء مذكّرا، فالقول عند الخليل وسيبويه أنه لمّا خبّر عن هذه الأشياء بالطاعة والسجود وهما من أفعال من يعقل جعل فيهما يكون لما يعقل.
  {قالَ يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ ٥}
  {يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ} نهي وظهر التضعيف لأنه قد سكن الثاني ويجوز الإدغام في غير القرآن والفتح والكسر والضم. {رُؤْياكَ} بالهمز والجمع رؤي. قال أبو حاتم: قال يعقوب قال أبو عمرو بن العلاء | أهل الحجاز لا يهمزون «رؤيا» وبكر وتميم تهمزها. قال أبو حاتم: ويقال(٣): ريا بقلب الواو ياء والراء مضمومة ويقال: ريّا بكسر الراء. {فَيَكِيدُوا} جواب النبي بالفاء وقد ذكرناه. {كَيْداً} مصدر {إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ} اسم «إنّ» وخبرها وجمع عدوّ اعداء، وكان سبيله أن يجمع على فعول فاستثقل ذلك فيه.
  {وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ٦}
  {وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ} الكاف في موضع نصب لأنها نعت لمصدر محذوف وكذلك الكاف في {كَما أَتَمَّها}، و (ما) كافة.
  {لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ ٧}
  قرأ أهل المدينة وأهل البصرة وأهل الكوفة {لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ} وقرأ أهل مكة آية للسائلين(٤) على واحدة، واختار أبي عبيد «آيات» قال: لأنها عبر كثيرة. قال أبو جعفر: «آية» هاهنا قراءة حسنة أي لقد كان في الذين سألوا عن خبر يوسف آية فيما خبّروا به لأنهم سألوا النبي ﷺ وهو بمكة فقالوا: خبّرنا
(١) انظر البحر المحيط ٥/ ٢٨٠، ومعاني الفراء ٢/ ٣٤، ومختصر ابن خالويه ٦٢.
(٢) انظر الكتاب ٤/ ٣٧.
(٣) انظر معاني الفراء ٢/ ٣٥.
(٤) انظر تيسير الداني ١٠٤.