(17) شرح إعراب سورة الإسراء
  حذف الضمة في عنق لثقلها.
  {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً ٣٠}
  {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ} أي يضيّق ويفعل من ذلك ما فيه الصلاح ودلّ على هذا {إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً} أي يعلم ما يصلحهم. وفي معنى «فتقعد ملوما محسورا» قولان: أحدهما قول الفراء:(١) إنه بمنزلة المحسور أي الكالّ المتعب، وحكى: حسرت الدّابة فهي محسورة وحسير إذا سيّرتها حتى تنقطع، والقول الآخر «محسورا» بمعنى من قد لحقته الحسرة.
  {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً ٣١}
  {إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً} خبر كان واسمها فيها مضمر والجملة خبر إنّ. قال أبو جعفر: وقد ذكرنا ما فيه من القراءات(٢).
  {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً ٣٢}
  {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى} ومن العرب من يمدّه يجعله مصدرا من زانى لأنه لا يكن إلّا من اثنين. {إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً} على البيان أي طريقه سيّئ وفعله قبيح.
  {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً ٣٣}
  {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِ} قد ذكرناه(٣). {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ} على الحال {فَقَدْ جَعَلْنا} الإدغام حسن، لأن الدال من طرف اللسان والجيم من وسطه فهما متقاربتان والإظهار جائز {لِوَلِيِّهِ} أي أقرب الناس إليه. {سُلْطاناً} قال سعيد بن جبير كلّ سلطان في القرآن فهو حجّة. قال أبو إسحاق: من قرأ {فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ}(٤) جعله خبرا أي فليس يسرف قاتل وليّه {إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً} في الضمير خمسة أقوال: يكون للوليّ، وهذا أولاها عند أهل النظر لأنه أقرب إليه. قال ابن كثير عن مجاهد: إن المقتول كان منصورا، وهذا قول حسن لأن المقتول قد نصر في الدنيا لمّا أمر بقتل قاتله وفي الآخرة بإجزال الثواب وتعذيب قاتله، وقيل: إنّ القتل كان منصورا. قال
(١) انظر معاني الفراء ٢/ ١٢٢.
(٢) القراءات المختلفة في البحر المحيط ٦/ ٢٩.
(٣) انظر البحر المحيط ٦/ ٣٠.
(٤) انظر المحتسب ٢/ ٢٠، والبحر المحيط ٦/ ٣١.